في إعلان رسمي أحدث ارتباكًا في الوسطين السياسي والاجتماعي على حد سواء، كشفت الحكومة الألمانية، يوم الأربعاء، عن قرارات محورية تتعلق بالهجرة، كان من أبرزها تقليص فرص لمّ شمل الأسر لفئات معينة من المهاجرين، بالإضافة إلى إعادة صياغة شروط الحصول على الجنسية الألمانية بشكل أكثر صرامة مما كان عليه سابقًا. هذا التحول الدراماتيكي في سياسة الهجرة جاء في سياق تعهد قطعه المستشار المحافظ فريدريش ميرتس خلال حملته الانتخابية الأخيرة، حيث سعى من خلاله إلى تعزيز سيطرة الدولة على تدفقات الهجرة غير المنظمة، ويبدو أن حكومته بدأت التنفيذ بوتيرة ملحوظة فور توليها السلطة.
اقرأ أيضا : إستونيا تتيح الفرصة للعرب للتطوع في عام 2025
في تطور مثير للجدل، أعلن وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت أن هذه الإجراءات تمثل نقطة تحول حاسمة في سياق ضبط تدفقات المهاجرين، موضحاً أن اليوم الذي تم فيه إقرار هذه الخطة تمثل “محطة حاسمة” ستؤدي إلى تغيير واضح في الواقع. وتقتضي هذه السياسة الجديدة بتجميد لم شمل العائلات لفترة لا تقل عن سنتين، مستهدفة الأشخاص الذين يحصلون على ما يُعرف بـ”الحماية الثانوية”، وهي درجة من الحماية القانونية أقل من وضع اللجوء الرسمي.
ويشير دوبريندت إلى أن هذا الإجراء سيعمل كصمام أمان، مما سيساعد في تخفيف الأعباء المتزايدة التي تواجه البلديات الألمانية، والتي تكون مكلفة بتوفير السكن والرعاية والاندماج للمهاجرين الجدد. ويُستحضر هنا التاريخ القريب، عندما قامت برلين بخطوة مشابهة خلال ذروة أزمة الهجرة الأوروبية بين عامي 2016 و2018، وهي تجربة شكلت مرجعاً بارزاً لتطوير هذه الإجراءات الجديدة.
وعلى صعيد آخر، تبادل الجدل، أقدمت الحكومة على إلغاء إصلاح كانت قد أقرته الإدارة السابقة ذات التوجهات اليسارية، والتي كانت تتولى قيادتها أولاف شولتس، حيث سمحت حينها لعدد من المهاجرين التقديم للحصول على الجنسية الألمانية بعد مرور ثلاث سنوات فقط من الإقامة، بشرط تقديم دليل يثبت “الاندماج الاستثنائي الناجح”. أما اليوم، فقد تم إعادة تحديد المدة القانونية للإقامة قبل التقديم للجنسية إلى خمس سنوات كاملة، كخطوة تهدف إلى إعادة ضبط معايير الاندماج الحقيقي وتقليص مساحة التساهل القانوني.
وأشار دوبريندت إلى أن هذا التعديل ليس مجرد إجراء تنظيمي، وإنما هو جزء من استراتيجية أشمل تهدف إلى تقليص “عوامل الجذب” التي تشجع العديد من طالبي اللجوء أو الهجرة غير الشرعية على اختيار ألمانيا كوجهة أولى. وبحسب الوزير، فإن هذه الإجراءات ستبعث برسالة واضحة مفادها أن ألمانيا لم تعد ممرًا يسيرًا للذين يسعون لدخول أراضيها بطرق غير قانونية.
ويُعتَقَد أن هذه التحركات ستؤدي إلى توسيع الهوة السياسية بين اليمين واليسار في البلاد، بينما يرى بعض المراقبين أن هذه السياسات جاءت كرد فعل مباشر على ارتفاع نبرة حزب البديل من أجل ألمانيا، المعروف بمواقفه العدائية تجاه المهاجرين. الحزب، المُصنف كمجموعة متطرفة يمينياً، استفاد بشكل كبير من زيادة القلق العام حول قضية الهجرة، مما دفع الحكومة الجديدة إلى اتخاذ إجراءات سريعة لإثبات أنها تمتلك السيطرة على الوضع.
من المتوقع أن تُطرح هذه الإجراءات التشريعية على البرلمان الألماني خلال الأسابيع القليلة المقبلة، على أن يتم التصويت عليها قبل بدء العطلة الصيفية المحددة في يوليوز. وإذا تمت الموافقة عليها، فإنها ستُشكل نقطة تحول حاسمة في الساحة السياسية الألمانية، وتعيد صياغة العلاقات بين الدولة والمجتمعات المهاجرة وفق أسس جديدة تمامًا.
اقرأ أيضا :فرص العمل المتاحة في بلجيكا لعام 2025: التقديم مفتوح حالياً لـ99 وظيفة في مجال الزراعة
المصدر الأساسي لهذه المعلومات هو موقع الجزيرة نت، حيث تم نشر تقرير بعنوان “ألمانيا تفرض قيودًا على لمّ شمل العائلات وتشدّد من قواعد الحصول على الجنسية” في 28 مايو 2025.
الأسئلة المتداولة حول تشديد قوانين الهجرة في ألمانيا
ما هي الفئات المتأثرة بقرار تجميد لمّ الشمل؟
الأشخاص الذين يحصلون على الحماية الثانوية وليس لديهم صفة اللاجئ الكاملة هم الأكثر تضرراً من هذا القرار، حيث تم تعليق لمّ شمل عائلاتهم لمدة لا تقل عن عامين.
هل هذا القرار نهائي أم قابل للتغيير؟
الحكومة أكدت أن هذا القرار هو جزء من سياسة مؤقتة سيتم تقييمها لاحقاً، لكنه في الوقت الحالي سيُطبق بشكل صارم ولمدة عامين على الأقل.
ما هي دوافع الحكومة وراء اتخاذ هذه القرارات؟
صدرت القرارات كاستجابة للالتزامات الانتخابية التي قدمها المستشار ميرتس، بهدف تقليل الهجرة غير النظامية وخفض الأعباء على البلديات، فضلاً عن التصدي لزيادة نفوذ الأحزاب المعادية للهجرة.
هل ستؤثر زيادة فترة الإقامة لتصبح خمس سنوات للحصول على الجنسية على المهاجرين الحاليين؟
نعم، فالأفراد الذين كانوا ينتظرون إتمام ثلاث سنوات للحصول على الجنسية سيتعين عليهم الآن الانتظار لعامين إضافيين إذا لم يقوموا بتقديم طلباتهم قبل تنفيذ القانون الجديد.
هل توجد استثناءات لبعض الفئات من هذه القوانين؟
حتى الآن، لم تقم الحكومة بإعلان أي استثناءات رسمية، لكن من المتوقع أن يتم وضع بعض المعايير لاحقاً بشأن الفئات التي أظهرت اندماجاً نوعياً واستثنائياً.
هل ستهتم هذه القوانين بالعلاقات التي تربط بين أوروبا وألمانيا؟
ربما، حيث كانت ألمانية واحدة من أكثر الدول انفتاحًا خلال أزمة الهجرة في 2015، وقيامها الآن بتغيير موقفها قد يُثير نقاشات أوروبية حول التوازن بين الحماية الإنسانية والأمن الوطني.
متى يُتوقع تنفيذ هذه القرارات؟
بعد حصولها على موافقة البرلمان، يُتوقع أن تُطبق هذه الإجراءات بشكل فعلي في النصف الثاني من السنة الحالية، أي مباشرة بعد انتهاء العطلة الصيفية.
ما هو موقف منظمات حقوق الإنسان تجاه هذه الإجراءات؟
أبدت عدد من المنظمات قلقها من احتمال انتهاك حقوق الإنسان، خصوصًا فيما يتعلق بحقوق الأسرة والاندماج، مما قد يفتح المجال لمزيد من الجدل السياسي والقانوني.