في خطوة قانونية جريئة ومثيرة للجدل، قامت إيطاليا رسميًا في 20 مايو بطرح تشريعات جديدة تُفرض قيودًا شديدة على إمكانية الحصول على الجنسية من خلال سلالة الأجداد البعيدين، وبالأخص بالنسبة لأولئك الذين ينتمون إلى الجيل الثالث وما بعده.القرار الذي جاء بدعم من حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، يعبّر عن توجّه واضح نحو تقليص الهويات المزدوجة التي لا تقوم على ارتباط حقيقي وفعّال بإيطاليا.
اقرأ أيضا : تراجع عدد تأشيرات الأزواج الممنوحة في ألمانيا في عام 2024 بعد أن فشل العديد في اجتياز اختبار اللغة
في خطوة سياسية غير مسبوقة، وافق مجلس الشيوخ الإيطالي على المرسوم الجديد، الذي يعدّل شروط الحصول على الجنسية بالاستناد إلى مبدأ “حق الدم”، حيث حصلت الموافقة من 81 عضوًا في حين عارضه 37 آخرون. وبموجب هذا القرار، لم يعد بمقدور أي شخص أن يطلب الجنسية الإيطالية لمجرد أن جده أو جدته وُلدوا في إيطاليا، دون تقديم دليل على وجود رابط ثقافي أو لغوي مباشر.
لم يعد يكفي أن يحمل أحد المتقدمين صلة وقرابة بوالد أو جد إيطالي، فقد أصبح من الضروري أيضًا إثبات اتقانه للغة الإيطالية، وهو شرط لم يكن مطلوبًا إلا في حالات التجنيس عن طريق الزواج أو الإقامة سابقًا. واليوم، أصبح يتوجب على كل من يسعى للحصول على الجنسية عبر الأجداد أن يُظهر مستوى ملموس من القدرة اللغوية، وهو ما يُعتبر بمثابة امتحان للارتباط الحقيقي بالجذور.
نائب رئيس الوزراء الإيطالي، أنطونيو تاجاني، علّق بوضوح قائلاً: “إن كونك مواطنًا إيطاليًا ليس أمرًا يُعتبر عبثيًا. ينبغي ألا يُستخدم جواز السفر الإيطالي كأداة للتسوق في ميامي. نحن نرغب في منح هذا الجواز لمن يستحقه حقًا، لمن يشعر بوجود إيطاليا في عروقه، وليس لمن يسعى لاستغلاله لأغراض مادية.”
وتأتي هذه الخطوة في فترة تُظهر فيها الإحصائيات زيادة ملحوظة في طلبات الحصول على الجنسية من أفراد لا يعيشون في إيطاليا ولا يحملون سوى صلة نسب بعيدة. في عام 2023 فقط، حصل 61 ألف شخص على الجنسية الإيطالية اعتمادًا على أصولهم، وكان من ضمنهم 42 ألفًا من البرازيل فقط، مما يعني أنهم يمثلون 68.5% من العدد الإجمالي.
من المتوقع أن يكون البرازيليون هم الأكثر تأثرًا بالتغيرات، حيث يعتمد العديد منهم على روابط سلالية قديمة للارتباط بإيطاليا. فيما يتعلق بالأرجنتينيين، فقد احتلوا المرتبة الثالثة بين الجنسيات التي حصلت على الجنسية الإيطالية في نفس العام، حيث تم تسجيل أكثر من 16 ألف حالة تجنيس.تظهر التقارير المنشورة من قبل المعهد الإيطالي للإحصاء (Istat) أن هذه الأرقام قد تضاعفت مقارنة بسنة 2021، مما ساهم في إحداث ضغط واضح على الهيئات الرسمية ودفع الحكومة إلى اتخاذ موقف حاسم.
أما الآن، فإن المعادلة قد تغيّرت بشكل كامل. لم يعد من الممكن الاعتماد على جذور قديمة لدخول عالم المواطنة الإيطالية. فكل شخص لا يستوفي شروط النسب المباشر أو لا يجيد اللغة الإيطالية، سيكون ملزماً بالتوجه إلى إيطاليا فعلياً والإقامة فيها لعدة سنوات قبل أن يُسمح له حتى بتقديم طلب الحصول على الجنسية. ومع تشديد إجراءات التأشيرات، أصبح الوصول إلى هذه الغاية أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، خصوصاً للذين لا ينتمون إلى الاتحاد الأوروبي.
الرسالة التي تقدمها الحكومة الإيطالية واضحة: فالمواطنة ليست مجرد ميزة شكلية، بل هي التزام ثقافي وحضاري وإحساس بالانتماء. تسعى الدولة للحد من استغلال الروابط الأسرية لتحقيق مصالح شخصية دون وجود ارتباط حقيقي بالهوية الإيطالية، مما دفعها إلى إغلاق الباب أمام الذين اعتادوا الدخول عبر “نافذة الأجداد”.
اقرأ أيضا : الدراسة في ألمانيا عام 2025: منحة جامعة شتوتغارت – تمويل شامل لتخصصات الهندسة والعلوم
المصدر الرئيسي لهذه المعلومات هو القانون الإيطالي رقم 74 لسنة 2025 الذي تم اعتماده حديثًا من قبل مجلس الشيوخ الإيطالي، ويمكن الوصول إليه عبر موقع italyget.com.
وفيما يلي بعض الأسئلة المتكررة التي تُجيب عن أبرز ما قد يشغل بال الراغبين في الحصول على الجنسية الإيطالية بعد التعديلات الأخيرة:
هل لا يزال بالإمكان الحصول على الجنسية عبر الأجداد؟
نعم، ولكن فقط إذا كان أحد الوالدين أو الأجداد المباشرين يحمل الجنسية الإيطالية، ويتعين على المقدم إثبات ذلك مع إتقان اللغة الإيطالية.
هل تشمل هذه التعديلات المتقدمين من داخل الاتحاد الأوروبي؟
تُطبق الإجراءات بطريقة أكثر صرامة على غير الأوروبيين، نظرًا لأن تأشيرات الإقامة أصبحت أكثر صعوبة، مما يزيد من تعقيد استيفاء متطلبات الجنسية.
هل هناك وسيلة بديلة للحصول على الجنسية بعيدًا عن النسب؟
نعم، فإن البقاء في إيطاليا لعدة سنوات مع الالتزام بالمجالات القانونية والاجتماعية واللغوية يمكن أن يتيح الحق في تقديم طلب للحصول على الجنسية.
هل تؤثر هذه القوانين على الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية سابقًا؟
لا، هذه التشريعات لا تملك آثاراً رجعية، بل تُطبق على كافة الطلبات الجديدة التي تُقدم بعد 20 مايو 2024.
لماذا تركز الحكومة الإيطالية على المواطنين البرازيليين؟
لأن النسبة الأكبر من الطلبات المعتمدة على النسب في السنوات الأخيرة كانت تأتي من البرازيل، وقد اعتُبرت هذه الظاهرة نوعًا من الاستغلال غير المرتبط بالهوية الحقيقية.
هل توجد أي استثناءات لهذه القوانين؟
حتى الآن، لم تُعلن الحكومة عن أي استثناءات، وستخضع جميع الحالات لنفس المعايير الجديدة.
هل سيحدث تغيير في هذه السياسات مستقبلاً؟
من الصعب التنبؤ بذلك، لكن مع وجود الحكومة الحالية التي تتبنى التوجه القومي، تبدو هذه السياسات مستقرة على المدى الطويل.