في تصريح بارز يُسلط الضوء على أحد أعقد الملفات بين أنقرة وبروكسل، أكد السفير الأوروبي في تركيا، توماس أوسوفسكي، أن مسألة التأشيرات تُمثّل واحدة من أبرز العراقيل التي تعرقل تطور العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، رغم الشراكة الاستراتيجية والمصالح المتبادلة بين الجانبين.
اقرأ أيضا: عقد عمل في دولة الإمارات كسبّاك في فندق أنانتارا الفاخر بمدينة دبي
وأشار أوسوفسكي إلى المفارقة الكبيرة في أن تركيا، وهي دولة مرشحة رسميًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، تظل الدولة الوحيدة من بين الدول المرشحة التي لا يتمتع مواطنوها بحق الدخول إلى منطقة شنغن دون تأشيرة، وهو ما وصفه بأنه “أمر غير معقول” ولا يتماشى مع مبادئ الشفافية والعدالة.
عرض أوروبي لتجديد المفاوضات
وأفاد السفير أن الاتحاد الأوروبي قدّم ما يُعرف بـ”عرض صريح وصادق” للحكومة التركية بهدف استئناف المناقشات حول تحرير التأشيرات، مشددًا على ضرورة أن تقوم أنقرة بمجهودات كبيرة لتخطي العقبات المتبقية التي تُعيق التوصل إلى اتفاق شامل في هذا الشأن.
وأوضح أن المحادثات يمكن أن تُستأنف في حال استوفت تركيا الشروط المتبقية، والتي تُعد محدودة من حيث العدد لكنها تتطلب تعاونًا فنيًا وسياسيًا لضمان التنفيذ الفعلي.
ضغط كبير على القنصليات وتأخيرات طويلة
من جهة أخرى، سلّط السفير الضوء على التحديات التي تواجهها القنصليات الأوروبية في تركيا، والتي تعاني من ضغط هائل بسبب الأعداد الكبيرة من طلبات التأشيرة، الأمر الذي يؤدي إلى تأخيرات ملحوظة في تحديد المواعيد، وقد تصل مدة الانتظار أحيانًا إلى عدة أشهر أو حتى عام كامل.
وشدد أوسوفسكي على أن هذا الوضع لم يعد مقبولًا، خصوصًا بالنظر إلى العلاقات السياسية والاقتصادية المتقدمة بين الجانبين، والتي تفرض مستوى أعلى من التنسيق والانفتاح.
مقارنة مع كوسوفو وانتقادات للنظام الحالي
في إطار توضيح الفروقات في نظام التأشيرات الأوروبي، أفاد السفير بأن كوسوفو، التي لم تحظ بعد باعتراف كامل من كافة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، صار بإمكان مواطنيها السفر إلى منطقة شنغن دون الحاجة إلى تأشيرة، بينما لا يزال المواطن التركي، على الرغم من انتمائه إلى دولة ذات مؤسسات قوية ومستقرة، محرومًا من هذا الامتياز.
وأشار إلى أن الظروف الراهنة “تجعل الدفاع عنها سياسيًا وإداريًا أمرًا صعبًا”، وتؤثر سلبًا على الانطباع الذي يحمل الشارع التركي عن الاتحاد الأوروبي.
ستة معايير فنية معلّقة
تجدر الإشارة إلى أن تركيا بدأت محادثاتها مع الاتحاد الأوروبي حول تحرير التأشيرات منذ عام 2016، لكنها لم تتمكن حتى الآن من استيفاء جميع الشروط الفنية اللازمة، حيث لا تزال ستة معايير محددة لم تُستوفَ بعد، بحسب تقارير أوروبية رسمية.
ورغم إحراز تقدم في بعض الجوانب، لا يزال الطريق نحو الإعفاء الكامل يتطلب توافقًا سياسيًا حقيقيًا وإرادة مشتركة لتجاوز القضايا العالقة.
دعوات تركية متزايدة
يتزامن هذا النقاش مع تصاعد الدعوات في تركيا لإعادة النظر في القيود المفروضة على تأشيرات الدخول إلى أوروبا، حيث دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في وقت سابق، الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة نظام التأشيرات وتيسير الإجراءات أمام المواطنين الأتراك، مشددًا على أهمية احترام المصالح المتبادلة والعلاقات المتجذّرة بين الطرفين.
المصدر: Schengen.News
ورأى مراقبون أن التحرك التركي الجديد قد يُشكّل دافعًا لإعادة إحياء مسار المفاوضات، خاصة في ظل أجواء سياسية أكثر انفتاحًا تشهدها القارة الأوروبية بعد الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي.
اقرأ أيضا: فرص عمل وتطوير مهني في قطر والإمارات مع تغطية شاملة
خاتمة
تبقى قضية التأشيرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي ملفًا حساسًا ومعقّدًا، لكنه مفتوح على احتمالات التحرك الإيجابي في حال وُجدت الإرادة السياسية الكافية. ومع وجود مصالح متبادلة وشراكات قائمة، فإن التوصل إلى تسوية عادلة يبدو ممكنًا، بل وضروريًا في المرحلة المقبلة
الأسئلة الشائعة حول ملف التأشيرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي
هل يستطيع المواطن التركي حاليًا دخول منطقة شنغن بدون تأشيرة؟
لا، لا يزال المواطن التركي بحاجة إلى الحصول على تأشيرة شنغن لدخول الدول الأعضاء، رغم أن تركيا دولة مرشحة رسميًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ما هي أبرز العقبات التي تعيق تحرير التأشيرات لتركيا؟
بحسب تقارير أوروبية، تبقى ستة معايير فنية لم تستكملها تركيا، من بينها التعديلات المتعلقة بحماية البيانات، مكافحة الفساد، والتعاون القضائي.
هل هناك بوادر حقيقية لاستئناف المفاوضات؟
نعم، السفير الأوروبي في تركيا أكد وجود عرض أوروبي لإعادة إطلاق المحادثات، بشرط تجاوب الجانب التركي مع المتطلبات المتبقية.
لماذا يُسمح لمواطني كوسوفو بالسفر دون تأشيرة بينما لا يُسمح للأتراك؟
رغم أن كوسوفو ليست معترفًا بها من جميع دول الاتحاد الأوروبي، فقد استوفت معايير الإعفاء من التأشيرة، بينما لم تُكمل تركيا تنفيذ جميع الشروط الفنية.
هل يمكن أن يتحقق الإعفاء قريبًا؟
هذا يتوقف على مدى استعداد تركيا لاستكمال المعايير العالقة، وعلى الإرادة السياسية من الجانبين للمضي قدمًا في اتفاق متوازن يخدم الطرفين.