في خطوة تعكس عمق العلاقات المغربية-البلجيكية، أعلنت السلطات البلجيكية عن افتتاح مركز جديد لمعالجة طلبات تأشيرات الدراسة في العاصمة المغربية الرباط، وذلك بهدف تسهيل الإجراءات الإدارية للطلبة المغاربة الراغبين في متابعة دراستهم العليا في بلجيكا. ويأتي هذا المشروع نتيجةً لجهود متكاملة بين الجانبين بهدف تعزيز جودة الخدمات القنصلية وتسهيل وصول الطلاب المغاربة إلى مؤسسات التعليم العالي في بلجيكا.
تحسين الوصول إلى الخدمات القنصلية
المركز الجديد، الذي بدأ في استقبال الطلبات منذ الأسابيع القليلة الماضية، يُعتبر بمثابة توسعة لمركز التأشيرات الحالي في مدينة الدار البيضاء. وسيخصص في مرحلته الأولى حصريًا للطلبة، في محاولة لتخفيف الضغط على المراكز الأخرى، وتقريب الخدمة من فئة أساسية تسهم في تعزيز التبادل الأكاديمي والثقافي بين البلدين.
وفي تصريح رسمي، أوضح يوريس سالدن، المدير العام للشؤون القنصلية بوزارة الشؤون الخارجية البلجيكية، أن افتتاح مركز الرباط “يُجسد التزام بلجيكا بتقديم خدمات قنصلية فعالة وقريبة من المواطنين، وهو جزء من استراتيجية أوسع لتحسين تجربة المتعاملين مع القنصليات والسفارات البلجيكية”.
وأضاف سالدن أن هذه الخطوة تُعد تبسيطًا حقيقيًا للإجراءات السابقة، حيث كانت الطلبات تمر عبر مرحلتين منفصلتين: أولًا، تعبئة الاستبيان الدراسي لدى السفارة البلجيكية في الرباط، ثم التوجه إلى مركز التأشيرات في الدار البيضاء لإتمام عملية تقديم الطلب. أما الآن، فيمكن للطلبة إتمام أغلب الخطوات في العاصمة دون الحاجة إلى التنقل بين المدينتين.
نحو تسهيل تجربة الطالب المغربي
يعاني الطلاب المغاربة منذ عدة سنوات من تعقيد نسبي في عملية الحصول على تأشيرات الدراسة إلى بلجيكا، وذلك بسبب التداخل بين الإجراءات الإدارية وتوزيعها على مجموعة من المدن. لكن مع تدشين هذا المركز الجديد، ستتمكن هذه الفئة من تقليص التكاليف المرتبطة بالتنقل وتوفير الوقت والجهد، ما من شأنه أن يُحسن من تجربتهم الكاملة مع النظام القنصلي البلجيكي.
ورغم التسهيلات الجديدة، لا تزال بعض الخطوات – مثل تعبئة الاستبيان الدراسي – تتم في مقر السفارة البلجيكية، وهو ما يُبقي على قدر من الاتصال المباشر بين الطلبة والمؤسسات الدبلوماسية، لضمان التوجيه الصحيح في المراحل الأولى من الإعداد للدراسة بالخارج.
تعزيز العلاقات الثنائية من خلال التعليم
من جانبه، صرّح السفير البلجيكي لدى المملكة المغربية، جيل هيفايرت، أن هذه المبادرة تأتي كجزء من رؤية أشمل تروم تحسين الخدمات القنصلية وضمان احترام آجال معالجة الطلبات، دون الإخلال بمعايير الشفافية والفعالية.
وأشار هيفايرت إلى أن العلاقات بين بلجيكا والمغرب تُعد استراتيجية، وذات أبعاد متعددة تتجاوز المستوى السياسي لتشمل التعاون الثقافي والتربوي، خاصة في ظل الإقبال المتزايد من طرف الطلبة المغاربة على الجامعات والمعاهد البلجيكية المعروفة بجودة تكوينها الأكاديمي وتنوع برامجها.
كما شدد السفير على أن هذه الخطوة تعكس “الرغبة المشتركة في تعزيز التواصل الإنساني والثقافي بين الشعبين، من خلال فتح آفاق جديدة أمام الطلبة الذين يمثلون جسرًا حيويًا للتفاهم والتقارب بين الثقافات”.
رقمنة الإجراءات وتسريع المعالجة
يندرج افتتاح المركز الجديد في الرباط ضمن استراتيجية بلجيكية أوسع تهدف إلى تحديث المنظومة القنصلية من خلال الاعتماد المتزايد على الرقمنة، بهدف تسريع وتيرة معالجة الطلبات، وتحسين تجربة المستخدم.
تسعى الحكومة البلجيكية إلى تقليل أوقات الانتظار، وتقديم قنوات أكثر فعالية للتواصل مع المتقدمين، في إطار التزامها بتحقيق الشفافية وزيادة مستوى الثقة بين الهيئات الدبلوماسية والجمهور.
مؤشرات وإحصائيات: الطلب المتزايد على الدراسة في بلجيكا
بحسب البيانات المنشورة على موقع SchengenVisaInfo، فإن عدد الطلبات التي تلقتها بلجيكا من المواطنين المغاربة خلال سنة 2024 بلغ 16,925 طلب تأشيرة شنغن، قُبل منها 10,404 طلبًا، بينما تم رفض 6,249 طلبًا، ما يعكس حجم التفاعل الكبير بين الطلبة المغاربة والمؤسسات البلجيكية.
من المتوقع أن يُساهم المركز الجديد في تعزيز نسب الاستجابة، وتحسين جودة الخدمات، خصوصاً في ظل تزايد الطلب على التأشيرات الدراسية، نتيجة للسمعة الإيجابية التي تتمتع بها الجامعات البلجيكية من حيث جودة التعليم والبحث العلمي والاندماج الأكاديمي.
أبعاد ثقافية واستراتيجية
تأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه التعاون المغربي البلجيكي نموًا مطّردًا في مجالات متعددة، لا سيما التعليم والتكوين. إذ ترى السلطات البلجيكية في الاستثمار في الكفاءات الشابة، خصوصًا من المغرب ودول شمال إفريقيا، مدخلًا لتعزيز الحضور الأوروبي في المنطقة، من خلال دعم تنقل الطلبة وتسهيل اندماجهم داخل المنظومة الأكاديمية الأوروبية.
ولا يخفى أن الرباط باتت وجهة مفضلة لإنشاء مراكز دبلوماسية وخدماتية أوروبية، نظرًا لموقعها الاستراتيجي، والاستقرار السياسي الذي تتمتع به، بالإضافة إلى البنية التحتية الجيدة التي تساعد على احتضان مثل هذه المبادرات.
خطوة منتظرة في اتجاه تحسين العدالة القنصلية
يُمثل افتتاح المركز الجديد في الرباط خطوة إيجابية نحو ما يُعرف بمفهوم “العدالة القنصلية”، الذي يهدف إلى ضمان ولوج متكافئ وعادل لكل فئات المجتمع إلى الخدمات القنصلية، خاصة أولئك الذين يعانون من عراقيل مادية أو لوجستية تعيق تنقلهم إلى المدن الكبرى.
ومع تزايد الاهتمام بتمكين الشباب من الدراسة في الخارج، خصوصًا في ظل التحولات التي يعرفها سوق الشغل العالمي، فإن تيسير الإجراءات يُعد عاملًا حاسمًا في تشجيع الطلبة على المضي قدمًا نحو مستقبل أكاديمي أفضل.
المصدر: Schengen.News
الأسئلة الشائعة
1. ما هو الهدف من افتتاح مركز تأشيرات بلجيكا الجديد في الرباط؟
الهدف هو تسهيل الإجراءات الإدارية الخاصة بتأشيرات الطلبة المغاربة، وتقريب الخدمات القنصلية من العاصمة لتخفيف العبء عن مراكز أخرى مثل الدار البيضاء.
2. هل المركز الجديد مخصص لجميع فئات التأشيرات؟
في المرحلة الأولى، يقتصر المركز على معالجة طلبات تأشيرات الدراسة فقط. ومن المحتمل أن يتم توسيع نطاقه لاحقًا ليشمل فئات أخرى.
3. هل يجب على الطالب التوجه إلى السفارة أيضًا؟
نعم، ما زال تعبئة الاستبيان الدراسي يتم في السفارة البلجيكية في الرباط، في حين يمكن تقديم ملف التأشيرة مباشرة في المركز الجديد.
4. هل هذا المركز يقلل من وقت معالجة الطلبات؟
نعم، يُتوقع أن يُسهم افتتاح هذا المركز في تقليص مدة الانتظار، وتحسين تجربة المتقدمين، خاصة مع اعتماد آليات رقمية جديدة.
5. ما الذي يميز الدراسة في بلجيكا بالنسبة للطلبة المغاربة؟
بلجيكا تُعرف بجامعاتها ذات الجودة العالية، وبرامجها المتعددة باللغات الفرنسية والإنجليزية، كما توفّر بيئة أكاديمية منفتحة ومتعددة الثقافات، وهو ما يجعلها وجهة مفضلة للعديد من الطلبة المغاربة.