تغييرات الهجرة في كيبيك 2025: بين دعم الكفاءات وتجميد لمّ الشمل العائلي

في تحوّل جذري يعيد رسم ملامح سياسة الهجرة في كيبيك، أعلنت الحكومة عن دخول برنامج اختيار العمال المهرة الجديد (PSTQ) حيّز التنفيذ، مرفوقًا بقرار مفاجئ يقضي بتجميد طلبات لمّ الشمل العائلي لفئات معينة حتى منتصف عام 2026. هذه التعديلات تكشف عن توجّه جديد نحو تفضيل الاعتبارات الاقتصادية واللغوية على حساب الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للهجرة.بينما تفتح كيبيك أبوابها لأصحاب الكفاءات المتخصصة، فإنها تغلقها أمام العديد من العائلات التي تسعى للانضمام إلى أقاربها، مما يثير جدلاً قانونياً وحقوقياً واسعاً.

التحول في سياسة الهجرة: بداية برنامج PSTQ

أطلقت كيبيك رسميًا في 2 يوليو 2025 برنامج “PSTQ – Programme de sélection des travailleurs qualifiés”، ليحلّ محل البرنامج السابق “PRTQ”. يهدف البرنامج الجديد إلى تحسين ملاءمة اختيار المهاجرين مع احتياجات سوق العمل، وتعزيز التنمية الاقتصادية خارج مدينة مونتريال، مع التركيز على دعم اللغة الفرنسية كلغة أولى في المجتمع.

ويأتي هذا التغيير في سياق ضغط متزايد على حكومة كيبيك للاستجابة للعجز في اليد العاملة، خصوصًا في القطاعات التقنية والمهنية، إضافة إلى التزام المقاطعة بحماية هويتها الثقافية واللغوية الفريدة.

الفئات المستهدفة في برنامج PSTQ

يقسم البرنامج المتقدمين إلى أربع فئات رئيسية:

1.العمال المؤهلون والمتخصصون:

يشمل خريجي الجامعات والتقنيين الذين يمتلكون خبرات مهنية في مجالات مطلوبة.

2.العمال اليدويون:

وهم الأفراد الذين لديهم مهارات تقنية أو يدوية مطلوبة في الصناعات التقليدية والمقاولات.

3.أصحاب المهن المنظمة:

مثل الأطباء، المحامين، المهندسين، الذين يحتاجون إلى تصديق مهني لمزاولة مهنتهم في كيبيك.

4.الأفراد ذوو الكفاءات الاستثنائية:

يشمل ذلك أصحاب الابتكارات، الباحثين، والمبدعين في مجالات الفنون أو العلوم.

نظام النقاط الجديد: من يملك فرص القبول؟

تُقيَّم الطلبات عبر منصة “أريما” باستخدام شبكة نقاط تصل إلى 1400 نقطة، تُمنح حسب عدة معايير:

المؤهل الدراسي
الخبرة المهنية
المهارات اللغوية (الفرنسية بالدرجة الأولى)
الروابط الأسرية أو المهنية داخل كيبيك
الاستعداد للعيش خارج مونتريال

اللغة الفرنسية باتت تحتل مكانة مركزية، حيث تمنح نقاطًا مضاعفة للمتحدثين بها بطلاقة، ما يعني أن المتقدمين غير الناطقين بالفرنسية سيجدون أنفسهم في وضع تنافسي أضعف.

تجميد لمّ الشمل العائلي: صدمة إنسانية

في التاسع من يوليو عام 2025، أعلنت وزارة الهجرة والفرانكوفونية والاندماج (MIFI) عن قرار بتجميد معالجة طلبات لم الشمل العائلي للزوج أو الشريك وللأبناء البالغين المعالين حتى يونيو 2026، وذلك بعد وصول العدد الأقصى المسموح به (10,400 طلب) خلال الفترة من 2024 إلى 2026.

شمل القرار إعادة الطلبات المقدمة بعد الوصول إلى هذا الحد دون القيام بمراجعتها أو استرداد الرسوم المدفوعة، مما أدى إلى إثارة موجة من الغضب والانتقادات من طرف المجتمع المدني والمستشارين القانونيين.

استثناءات القرار:

ملفات الأطفال القصر
حالات ذوي الاحتياجات الخاصة

انعكاسات اجتماعية وقانونية خطيرة

يحذّر الخبراء من أن هذا التجميد قد يؤدي إلى:

زيادة العزلة النفسية والاجتماعية للمهاجرين الذين يعيشون بدون أسرهم.
صعوبات في الاندماج المهني والاجتماعي نتيجة غياب الدعم العائلي.
احتمال حدوث انتهاك للحقوق الدستورية، وبالأخص الحق في الحياة الأسرية.
أعباء قانونية متزايدة على المحامين والجمعيات الحقوقية للطعن في القرار.

موقف الجمعيات الحقوقية والمجتمع المدني

نددت عدة منظمات، منها مجلس الهجرة الكندي ومنظمات المجتمع الكيبيكي، بهذه السياسات، ووصفتها بـ”اللاإنسانية” و”غير المتوازنة”، مطالبةً الحكومة بإعادة النظر في سقف الطلبات، وتمديد المهل الزمنية، أو توفير بدائل قانونية لحالات العائلات المنفصلة.

الخيارات البديلة للمهاجرين: هل هناك مخرج؟

مع إغلاق باب لمّ الشمل على مستوى المقاطعة، ينظر العديد من المتضررين إلى الخيارات التالية:

التسجيل من خلال برامج الهجرة الفيدرالية مثل “Express Entry” أو “برنامج الكفالة العائلية الفيدرالي”.
الطعن القانوني في قرارات التجميد أمام المحاكم الإدارية أو الدستورية.
الانتقال إلى مقاطعات كندية أخرى أكثر مرونة في سياسات لمّ الشمل.

ما وراء الأرقام: سؤال الإنسانية في السياسات العامة

تسعى حكومة كيبيك إلى بناء اقتصاد قائم على الكفاءات، لكن توازن السياسات يتطلب ألا يكون ذلك على حساب وحدة الأسر أو حقوق الإنسان. فالهجرة ليست فقط أرقامًا ونقاطًا، بل هي أيضًا قصص إنسانية، وحياة مشتركة، وأمل في مستقبل أفضل.

المصدر: Immigration.ca.

خاتمة

ما بين دعم الكفاءات وتجميد لمّ الشمل، تواجه كيبيك تحديًا في إيجاد توازن عادل بين متطلبات سوق العمل ومبادئ العدالة الاجتماعية. بينما تسعى المقاطعة لتعزيز اقتصادها وهويتها الثقافية، يظل التحدي الأكبر قائماً في ضمان أن تظل سياسات الهجرة إنسانية وشاملة، بحيث لا تُستبعد الأسر ولا تُهمل أصوات المتضررين.

اقرأ أيضا: الدراسة في لندن 2026: منح دراسية تغطي كافة التكاليف مع خيار الدراسة عن بعد

الأسئلة الشائعة (FAQ)

ما هو برنامج PSTQ الجديد في كيبيك؟
هو برنامج لاختيار العمال المهرة بدأ تطبيقه في يوليو 2025، يهدف إلى جذب مهاجرين ذوي كفاءة عالية تلبيةً لاحتياجات سوق العمل في كيبيك، ويعتمد على شبكة نقاط تصل إلى 1400 نقطة.

ما الفرق بين PSTQ وPRTQ؟
حل PSTQ مكان PRTQ، ويمتاز بزيادة التركيز على اللغة الفرنسية، والعمليات خارج مدينة مونتريال، بالإضافة إلى توزيع النقاط بشكل أكثر دقة لتلبية احتياجات سوق العمل.

من يمكنه التقديم ضمن PSTQ؟
الأشخاص الذين حصلوا على مؤهلات عليا، أو الذين يمتلكون خبرة مهنية، أو الذين يشغلون مهنًا منظمة، أو الذين يمتلكون مهارات استثنائية.

هل يشمل تجميد لمّ الشمل جميع الفئات؟
لا، يستثني القرار الأطفال القصر وذوي الاحتياجات الخاصة فقط. أما الأزواج والشركاء والأبناء البالغون، فتم تجميد طلباتهم.

هل هناك طرق أخرى لجلب الأسرة إلى كيبيك؟
نعم، يمكن المحاولة عبر برامج الهجرة الفدرالية أو الطعن القانوني في قرار التجميد أو دراسة الانتقال لمقاطعات أخرى أكثر مرونة.

متى ينتهي قرار تجميد لمّ الشمل؟
ينتهي التجميد في يونيو 2026، ما لم تُحدِّث الحكومة سياستها أو توسّع السقف المسموح به.

هل يمكن الطعن في القرار قانونيًا؟
نعم، توجد احتمالات للطعن القانوني، خاصة في حال إثبات تعارض القرار مع الحقوق الدستورية أو اتفاقيات حقوق الإنسان.

ما دور اللغة الفرنسية في النظام الجديد؟
الفرنسية أصبحت عاملاً حاسمًا، حيث تمنح نقاطًا إضافية وتزيد فرص القبول، مما يصعب المنافسة على غير المتحدثين بها.

إذا كنت مهاجرًا أو تفكر في التقديم إلى كيبيك، من الضروري أن تتابع هذه التحديثات عن كثب، وتستعين باستشارة قانونية مختصة لتحديد المسار الأنسب لوضعك.

اضعط هنا للانضمام إلي جروب تليجرام السفر