شهد عام 2024 ارتفاعاً ملحوظاً في العدد الإجمالي لطلبات التأشيرات الخاصة بشنغن، حيث تم تسجيل 11.7 مليون طلب، مقارنةً بـ 10.3 مليون طلب في عام 2023. يعكس هذا الارتفاع الذي بلغ 13.5% دلالة واضحة على انتعاش السفر الدولي إلى أوروبا، مع استمرار اهتمام مواطني الدول التي ليست أعضاء في الاتحاد الأوروبي بزيارة منطقة شنغن.
نمو متفاوت بين الدول الأوروبية
وفقاً للإحصائيات التي أصدرتها منصة SchengenVisaInfo، كانت هذه الزيادة غير متكافئة بين جميع دول الاتحاد الأوروبي، حيث شهدت بعض الدول زيادة ملحوظة في عدد الطلبات بينما سجلت دول أخرى انخفاضاً ملحوظاً نتيجة لعوامل سياسية وأمنية وتنظيمية.
في فرنسا، على سبيل المثال، قفز عدد الطلبات المقدمة من 164 طلباً في عام 2023 إلى أكثر من 22 ألف طلب خلال عام 2024. هذا التغيير رفع ترتيب فرنسا من المرتبة 137 إلى المرتبة 56 عالمياً، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع عدد المقيمين الأجانب داخل الأراضي الفرنسية الذين يحتاجون إلى تأشيرة شنغن عند مغادرة البلاد.
السويد أيضاً سجلت نمواً كبيراً في عدد الطلبات، حيث ارتفعت من 196 طلباً فقط في عام 2023 إلى 7518 طلباً في عام 2024، مما دفع ترتيبها إلى الصعود من المرتبة 135 إلى المرتبة 84. ويعود هذا النمو في الغالب إلى المقيمين الأجانب الذين يعيشون في السويد ويحتاجون إلى تأشيرة للسفر إلى دول شنغن الأخرى.
ارتفاع في الطلبات من بعض الدول الأفريقية
في القارة الأفريقية، سجلت دول مثل إريتريا والرأس الأخضر وجمهورية أفريقيا الوسطى زيادات ملحوظة. حيث ارتفعت الطلبات من إريتريا من نحو 1900 إلى أكثر من 5200 طلب، فيما قفز عدد الطلبات من الرأس الأخضر بنسبة تقارب 43% ليصل إلى أكثر من 26 ألف طلب. أما جمهورية أفريقيا الوسطى فقد سجلت زيادة بنسبة تجاوزت 35%، مع انتقالها من 2211 طلباً إلى ما يقرب من 3000 طلب في عام 2024.
هذا الارتفاع يؤكد على رغبة مواطني هذه الدول في السفر إلى أوروبا لأغراض متعددة، منها الدراسة، السياحة، أو الهجرة لأسباب مهنية أو إنسانية.
تراجع كبير في عدد الطلبات لدى بعض الدول
رغم الزيادة العامة، شهدت بعض الدول تراجعاً حاداً في عدد الطلبات لأسباب مختلفة. أبرز هذه الدول كانت كوسوفو، التي استفادت من قرار الاتحاد الأوروبي بإعفاء مواطنيها من تأشيرة شنغن اعتباراً من عام 2024، وهو ما انعكس مباشرة على عدد الطلبات المقدمة التي انخفضت من 120 ألفاً إلى أقل من 1500 طلب فقط.
السودان أيضاً لم يسجل أي طلب تأشيرة في عام 2024، مقارنة بـ2552 طلباً في عام 2023، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المتدهورة. أما بلغاريا ورومانيا واليونان، فقد شهدت انخفاضات بلغت نسبتها بين 79% و88% في عدد الطلبات، مما أدى إلى تراجع ترتيبها في قائمة الدول التي تقدم طلبات تأشيرة شنغن.
العوامل المؤثرة في تغير أعداد الطلبات
تشير التحليلات إلى أن ارتفاع الطلبات يعود بشكل أساسي إلى:
- تحسن الوضع الصحي العالمي بعد جائحة كوفيد-19، مما أعاد فتح أبواب السفر الدولية تدريجياً.
- استقرار الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول النامية، ما شجّع على السفر والسياحة.
- رغبة متزايدة لدى الأفراد بالسفر إلى أوروبا لأغراض تعليمية، مهنية، أو اجتماعية.
- وجود جاليات أجنبية كبيرة داخل بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا والسويد، ما يستدعي تقديم تأشيرات عند التنقل داخل منطقة شنغن.
في المقابل، يعود انخفاض الطلبات في بعض الدول إلى:
- قرارات سياسية كتحرير التأشيرات، كما حدث مع كوسوفو.
- الظروف الأمنية المتدهورة، كما هو الحال في السودان.
- تغيرات في السياسات الداخلية لبعض الدول الأوروبية، وتأثير ذلك على جاذبية وجهات معينة.
التأثير على القنصليات الأوروبية
تزايد الطلب على التأشيرات تسبب في ضغط كبير على القنصليات الأوروبية في دول عديدة، خاصة في تركيا ومصر والمغرب. وقد أدى هذا الضغط إلى تأخير كبير في مواعيد المقابلات، حيث أصبحت بعض القنصليات غير قادرة على تلبية الطلب المتزايد في الوقت المناسب، مما دفع بالاتحاد الأوروبي إلى البحث عن حلول تقنية وتنظيمية لتسريع المعالجة وتخفيف العبء عن البعثات الدبلوماسية.
الخلاصة
تظهر بيانات عام 2024 تحولات ملحوظة في خريطة تقديم طلبات تأشيرات شنغن، حيث تم تسجيل زيادة إجمالية تعكس انتعاش قطاع السفر من آثار الأزمة الصحية العالمية. وبينما تصدّرت فرنسا وإسبانيا وألمانيا وجهات الطلبات، يبقى التحدي أمام الاتحاد الأوروبي هو تحسين إجراءات المعالجة وتسهيل الوصول إلى التأشيرة بشكل أكثر فعالية وتوازناً بين دول المنطقة.
الأسئلة الشائعة
ما سبب الزيادة الكبيرة في عدد طلبات تأشيرة شنغن عام 2024؟
الزيادة تعود إلى تعافي حركة السفر بعد الجائحة، وعودة النشاط السياحي والدراسي والمهني بشكل تدريجي، بالإضافة إلى ارتفاع أعداد المقيمين الأجانب في دول أوروبية عديدة.
هل ينعكس ارتفاع عدد الطلبات على معدلات القبول؟
رغم الزيادة، لم تُسجل زيادة موازية في معدلات الرفض. بل على العكس، أظهرت بعض التقارير تحسناً طفيفاً في سرعة المعالجة ونسب القبول، خاصة لدى الدول ذات الكثافة المرتفعة في الطلبات.
ما الفرق بين المواطنين والمقيمين داخل الدول الأوروبية في تقديم الطلبات؟
بعض الطلبات المسجلة في دول مثل فرنسا والسويد مصدرها الأجانب المقيمون وليس المواطنون، مما يفسر ارتفاع عدد الطلبات رغم أن المواطنين الأوروبيين لا يحتاجون إلى تأشيرة داخل منطقة شنغن.
هل هناك دول أُعفيت من تأشيرة شنغن في 2024؟
نعم، تم إعفاء مواطني كوسوفو من التأشيرة في عام 2024، وهو ما تسبب في تراجع عدد الطلبات بشكل كبير.
ما هي أبرز الدول التي شهدت تراجعاً في الطلبات؟
كوسوفو، السودان، بلغاريا، رومانيا، واليونان كانت من أبرز الدول التي شهدت تراجعاً حاداً، لأسباب متعددة تتعلق بالسياسات أو الأوضاع الداخلية.
المصدر: SchengenVisaInfo
هذه التطورات تشير إلى أهمية متابعة السياسات الأوروبية الخاصة بالتأشيرات، خاصة بالنسبة للراغبين في السفر من الدول العربية والأفريقية والآسيوية.يمكن اعتبار هذه الأرقام تعبيرًا دقيقًا عن الحقيقة الجيوسياسية والاقتصادية للدول، وتأثيرها المباشر على حركة الأفراد نحو القارة الأوروبية.