تشهد إيطاليا في السنوات الأخيرة أزمة متنامية في قطاع النقل العمومي، حيث تعاني شركات الحافلات من نقص حاد في أعداد السائقين المؤهلين. هذا الوضع انعكس بشكل مباشر على جودة الخدمات المقدمة للركاب، وخلق تحديات كبيرة أمام المشغلين العموميين والخواص على حد سواء.
ومن أبرز الشركات التي تواجه هذه المعضلة شركة Start Romagna، العاملة في مقاطعات رافينا وفورلي-تشيزينا وريمني، والتي أعلنت عن فتح قنوات تعاون مع وكالات تشغيل في المغرب من أجل استقدام سائقي حافلات محترفين، قادرين على تلبية المعايير الأوروبية والمساهمة في سد العجز القائم.
حجم الأزمة في السوق الإيطالي
بحسب تصريحات رئيس الشركة أندريا كورسيني، يتراوح النقص الحالي بين 30 و40 سائقاً، وهو ما أدى إلى اختلالات في انتظام الرحلات، بل وإلى إلغاء بعضها بشكل متكرر. هذه الوضعية لم تؤثر فقط على الركاب، بل انعكست أيضاً على مداخيل الشركات التي سجلت تراجعاً، في ظل تزايد شكاوى المستعملين الذين يجدون أنفسهم في مواجهة رحلات مؤجلة أو ملغاة.
غير أن هذه الأزمة لا تقتصر على شركة Start Romagna وحدها، إذ تمتد لتشمل معظم شركات النقل في أنحاء البلاد. وتشير تقديرات الجمعية الوطنية للنقل Asstra إلى أن إيطاليا بحاجة ماسة إلى نحو 800 ألف سائق لتغطية العجز القائم على المدى المتوسط والبعيد. هذه الأرقام تبرز حجم التحدي وتوضح أن المسألة بنيوية تتجاوز الحلول الجزئية.
الأسباب العميقة وراء تراجع المهنة
يرى الخبراء أن مهنة سياقة الحافلات لم تعد جذابة بالنسبة للأجيال الشابة، على الرغم من توفر فرص العمل. ويُعزى ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها:
1.ظروف العمل الصعبة: المهنة تتطلب مناوبات ليلية والعمل خلال عطلات نهاية الأسبوع والأعياد، مما يجعلها مرهقة وغير متوافقة مع نمط حياة الكثيرين.
2.ضعف الإقبال المحلي: رغم برامج التدريب التي تقدمها الشركات، فإن الشباب الإيطالي لا يظهر حماساً كبيراً للانخراط في هذا المجال.
3.المخاطر المرتبطة بالوظيفة: يتعرض السائقون أحياناً لمواقف غير آمنة خلال أداء مهامهم، ما يزيد من الضغط النفسي على العاملين.
جهود الشركات المحلية لمعالجة الأزمة
أطلقت شركة Start Romagna عدة مبادرات لتشجيع المرشحين المحليين، من بينها برامج تدريبية خاصة تغطي تكاليف رخص السياقة المتخصصة (D وCQC). غير أن هذه الجهود لم تحقق النتائج المرجوة، إذ بقي الإقبال محدوداً.
وأمام هذا الوضع، قررت الإدارة فتح باب التعاون مع أسواق العمل الأجنبية، مستلهمة تجارب ناجحة من قطاعات أخرى مثل الصحة، حيث تلجأ المستشفيات الإيطالية منذ سنوات إلى استقدام أطباء وممرضين من الخارج لسد النقص المحلي.
المغرب كوجهة استراتيجية
اختيار المغرب لم يأتِ من فراغ، بل لأنه يُعتبر بلداً يتمتع بخبرة معتبرة في تكوين السائقين، إضافة إلى أن رخص السياقة المغربية قابلة للتحويل إلى المعايير الأوروبية بعد استكمال بعض الإجراءات التقنية. كما أن الثقافة المهنية والانضباط في هذا المجال يجعلان من السائق المغربي مرشحاً مثالياً لتلبية احتياجات السوق الإيطالية.
وتراهن الشركة على أن التعاون مع المغرب سيشكل خطوة عملية لتجاوز الأزمة الحالية، خاصة وأن عدداً متزايداً من الشباب المغربي يبحث عن فرص عمل في الخارج، في ظل ما توفره مثل هذه الوظائف من استقرار مهني واجتماعي.
خطط تحفيزية إضافية
إلى جانب استقطاب اليد العاملة الأجنبية، تفكر الشركة في طرح حزمة من الإجراءات التحفيزية لجذب السائقين والاحتفاظ بهم، من بينها:
- المساهمة في تكاليف السكن للموظفين الجدد القادمين من خارج البلاد.
- منح مكافآت مالية للعمال الحاليين الذين يساعدون في استقطاب مرشحين مناسبين.
- تحسين بيئة العمل عبر مراجعة الجداول الزمنية والبحث في إمكانية تقليص المناوبات الليلية.
المصدر: akhirsaa.com
مستقبل قطاع النقل العمومي في إيطاليا
إذا استمرت الأزمة الحالية دون حلول فعالة، فإن قطاع النقل العمومي في إيطاليا قد يواجه صعوبات متزايدة في تلبية احتياجات ملايين الركاب، خاصة في المدن الكبرى والسياحية. لذا، فإن التعاون الدولي واستقطاب الكفاءات الأجنبية قد يكونان أحد أهم الحلول العملية قصيرة المدى، على أن يتم موازاتهما بإصلاحات هيكلية لجعل المهنة أكثر استدامة وجاذبية محلياً.
اقرأ أيضا: فرصة عمل في جني الفواكه في إسبانيا: كل ما تحتاج معرفته
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. لماذا يوجد نقص كبير في سائقي الحافلات في إيطاليا؟
النقص يعود أساساً إلى عزوف الشباب المحلي عن المهنة بسبب ظروف العمل الصعبة، إضافة إلى التقاعد المتزايد للسائقين القدامى وعدم وجود بدائل كافية.
2. لماذا اختارت شركة Start Romagna المغرب تحديداً؟
لأن المغرب يمتلك كفاءات في مجال السياقة، ورخص القيادة فيه قابلة للتحويل إلى المعايير الأوروبية، فضلاً عن استعداد الشباب المغربي للعمل في الخارج.
3. ما عدد السائقين الذين تحتاجهم إيطاليا حالياً؟
تشير تقديرات الجمعية الوطنية للنقل إلى أن البلاد تحتاج إلى حوالي 800 ألف سائق على المدى المتوسط لتغطية العجز.
4. ما هي الحوافز التي تقدمها الشركات لجذب السائقين؟
تشمل المساهمة في تكاليف السكن، منح مكافآت مالية للموظفين الذين يجلبون مرشحين، إضافة إلى تغطية تكاليف التدريب والرخص المتخصصة.
5. هل الحل في استقدام العمالة الأجنبية فقط؟
ليس كلياً، فالاستقدام يعتبر حلاً عاجلاً، لكنه يجب أن يترافق مع تحسين ظروف العمل محلياً لزيادة جاذبية المهنة للإيطاليين أيضاً.