في تحول جذري في إدارة الحدود الأوروبية، يستعد الاتحاد الأوروبي لتفعيل نظام الدخول والخروج الرقمي (EES) ابتداءً من شهر أكتوبر 2025، وهو إجراء يهدف إلى تحديث آليات تسجيل دخول وخروج المسافرين من خارج منطقة شنغن، عبر استخدام تقنيات بيومترية متقدمة تشمل التعرف على الوجه وبصمات الأصابع، بدلًا من الاعتماد على الأختام التقليدية في جوازات السفر.
هذا النظام الجديد يُعتبر جزءًا من الجهود الأوروبية الرامية إلى تعزيز الأمن الداخلي، ضبط فترات الإقامة، وتحسين تجربة السفر عبر الحدود الخارجية للاتحاد، مع المحافظة على السلاسة والفعالية في التعامل مع الأعداد المتزايدة من الزوار.
ما هو نظام EES؟ وما الغرض منه؟
نظام الدخول والخروج الرقمي (Entry/Exit System – EES) هو قاعدة بيانات مركزية أوروبية تهدف إلى تسجيل بيانات جميع المسافرين من دول خارج الاتحاد الأوروبي عند دخولهم أو مغادرتهم منطقة شنغن. يتضمن هذا النظام:
- جمع البيانات البيومترية (صورة الوجه، بصمات الأصابع).
- تخزين بيانات جواز السفر.
- تسجيل تواريخ الدخول والخروج بدقة.
- تحديد مدة الإقامة القانونية المسموح بها.
يأتي هذا النظام بديلًا عن طريقة ختم جوازات السفر اليدوية، والتي أثبتت عدم دقتها في تعقب مدة الإقامة أو رصد من يتجاوز الفترة القانونية.
متى يدخل النظام حيز التنفيذ؟
سيبدأ تفعيل النظام رسميًا في أكتوبر 2025، ضمن فترة انتقالية تمتد إلى 180 يومًا، حيث ستتم عملية التطبيق التدريجي عبر مختلف النقاط الحدودية الجوية، البرية والبحرية لدول شنغن، وذلك لتقليل التأثيرات التشغيلية وتفادي تعطل حركة السفر المعتادة.
وقد أكد ماغنوس برونر، المفوض الأوروبي، أن النظام حصل على الضوء الأخضر من دول محورية مثل فرنسا، ألمانيا، وهولندا، ما يعزز فرص نجاحه وتكامل تطبيقه بين الدول الأعضاء.
كيف يعمل النظام عمليًا على الحدود؟
عند وصول المسافر غير الأوروبي إلى إحدى نقاط الدخول إلى شنغن، سيُطلب منه:
- الوقوف عند كشك إلكتروني بيومتري.
- تقديم جواز السفر لمسحه رقميًا.
- التقاط صورة للوجه.
- مسح بصمات الأصابع (عادةً أربعة أصابع).
- تأكيد معلومات الرحلة ومكان الإقامة.
كل هذه البيانات تُخزن في قاعدة بيانات مركزية، وتُستخدم لاحقًا للتحقق من صلاحية الإقامة أو عند محاولات الدخول المستقبلية.
التأثيرات المتوقعة على حركة السفر
رغم الفوائد الأمنية والإدارية، أثار النظام الجديد مخاوف من التسبب في تأخيرات كبيرة، خصوصًا في النقاط الحدودية البرية والموانئ البحرية ذات الكثافة العالية. وأهم مثال على هذا هو ميناء دوفر في المملكة المتحدة، والذي يُعتبر واحدًا من أكثر الموانئ ازدحامًا للمسافرين عبر بحر المانش.
ما الذي يحدث في ميناء دوفر؟
أعرب دوغ بانستر، المدير التنفيذي للميناء، عن قلقه من أن النظام سيؤدي إلى تباطؤ كبير في حركة عبور السيارات والحافلات، نظرًا لاضطرار السائقين والمرافقين إلى الخروج من مركباتهم لتسجيل بياناتهم في الأكشاك البيومترية.
وقد تم بالفعل تجهيز منطقة مخصصة حديثة – تم استصلاحها من البحر – لاستيعاب هذه الأكشاك وتوسيع سعة المعبر، لكن المخاوف تبقى قائمة مع بدء التطبيق الفعلي.
هل هناك وسائل لتسريع الإجراءات؟
لتسهيل العملية، قامت وكالة الحدود الأوروبية فرونتكس بتطوير تطبيق رقمي باسم “السفر إلى أوروبا”، يتيح للمسافرين إدخال بياناتهم البيومترية مسبقًا قبل الوصول إلى نقطة التفتيش، مما يُفترض أن يُقلل من زمن الانتظار.
لكن، وحتى الآن، لم يُدمج هذا التطبيق في أنظمة دول مثل المملكة المتحدة أو بعض الموانئ الحيوية، ما يعني أن المسافرين في المراحل الأولى سيضطرون إلى استخدام الإجراءات اليدوية بالكامل.
تعليق فرونتكس:
قال أوكو ساركانو، نائب المدير التنفيذي لوكالة فرونتكس، إن التطبيق “جاهز، مؤمن، وقابل للتوسع”، إلا أن إطلاقه فعليًا يعتمد على مدى استعداد الدول الأعضاء لدمجه في بنيتها الرقمية الداخلية.
المرحلة التالية: نظام ETIAS
بعد مرور ستة أشهر على التشغيل الكامل لنظام EES، سيصبح من الضروري على جميع المسافرين من خارج الاتحاد الأوروبي أيضًا الحصول على تصريح سفر مسبق عبر نظام ETIAS (النظام الأوروبي لمعلومات وتصاريح السفر).
ما هو ETIAS؟
هو تصريح إلكتروني مشابه لنظام ESTA الأمريكي، يُمنح للمسافرين غير الأوروبيين الذين لا يحتاجون إلى تأشيرة للدخول إلى منطقة شنغن. تبلغ كلفة التصريح 7 يورو، ويتم تقديم الطلب عبر الإنترنت.
لماذا ETIAS بعد EES؟
بينما يُعنى نظام EES بتسجيل الدخول والخروج فعليًا، فإن نظام ETIAS يقوم بـ:
- التحقق من الخلفية الأمنية للمسافر.
- تقييم المخاطر المرتبطة بالزوار.
- رفع كفاءة الإجراءات الوقائية قبل السفر.
وهكذا، فإن النظامين يعملان بشكل تكاملي لضمان أعلى درجات الأمن والتحكم.
استعدادات المطارات الأوروبية
بدأت مطارات كبرى في كل من إسبانيا والبرتغال بتركيب أنظمة بيومترية مماثلة، واختبار فعاليتها خلال شهور الصيف، وقد سُجلت بعض التأخيرات التجريبية الناتجة عن الكثافة العالية للمسافرين.
تقوم هذه المطارات بتدريب الموظفين، وتحديث البنية التحتية، وضمان استعداد أنظمتها لتجنب أي اختناقات عند تنفيذ النظام الجديد بشكل رسمي.
توصيات للمسافرين
مع اقتراب موعد تفعيل النظام، تنصح السلطات الأوروبية جميع المسافرين من خارج الاتحاد الأوروبي بما يلي:
- الوصول مبكرًا إلى الموانئ والمطارات لتجنب التأخير.
- متابعة التحديثات من السفارات والقنصليات الأوروبية.
- استخدام التطبيقات الرسمية (مثل تطبيق السفر إلى أوروبا) حال توفرها.
- •ضرورة التحقق من صلاحية جواز السفر لفترة لا تقل عن 6 أشهر.
- الاستعداد للتسجيل البيومتري الأولي عند نقطة العبور.
اقرأ أيضا: الدليل الكامل حول الدراسة في روسيا
خلاصة
يمثل نظام الدخول والخروج الرقمي (EES) نقطة تحول في كيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع حركة المسافرين، من خلال تحديث شامل للبنية التحتية التقنية، وتعزيز أمن الحدود دون المساس بكفاءة السفر. وعلى الرغم من التحديات التشغيلية المتوقعة، فإن التطبيق التدريجي والمرونة في التنسيق بين الدول الأعضاء يُعد ضمانة لنجاح هذه المبادرة على المدى الطويل.
الأسئلة الشائعة حول نظام الدخول والخروج الرقمي (EES)
1. هل يشمل نظام EES المواطنين الأوروبيين؟
لا، النظام يُطبق فقط على المسافرين من خارج الاتحاد الأوروبي، الذين لا يحملون جنسية إحدى دول شنغن.
2. هل تُستخدم بياناتي البيومترية لأغراض أخرى؟
لا، بحسب القوانين الأوروبية لحماية البيانات (GDPR)، تُستخدم البيانات فقط لأغراض أمنية ولمراقبة فترات الإقامة.
3. هل يمكن رفض دخولي إذا ظهرت مشكلة في النظام؟
نعم، إذا تبيّن أنك تجاوزت مدة الإقامة المسموح بها سابقًا أو كانت هناك إشارات أمنية، قد يُرفض دخولك.
4. كم تستغرق عملية التسجيل البيومتري؟
في الظروف العادية، يُتوقع أن تستغرق العملية ما بين 3 إلى 7 دقائق لكل مسافر، ولكنها قد تمتد في أوقات الذروة.
5. هل هناك استثناءات للفئات العمرية أو المرضى؟
نعم، بعض الفئات مثل الأطفال دون سن 12 عامًا أو الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية قد يُعفون من بعض المتطلبات البيومترية، حسب التقييم المحلي.
إذا كنت تخطط لزيارة أوروبا في المستقبل القريب، فقد حان الوقت لتحديث معلوماتك والتأهب لمتطلبات السفر الجديدة، التي ستجعل تجربة الدخول إلى القارة أكثر أمانًا وتنظيمًا.