تشهد ألمانيا منذ سنوات نقصًا مزمنًا في الكوادر المؤهلة بقطاع الصحة والخدمات الاجتماعية، وهو ما دفع السلطات والجمعيات والمؤسسات إلى تكثيف جهودها لاستقطاب العمالة الأجنبية، مع تركيز خاص على الممرضين ومقدمي الرعاية الاجتماعية من المغرب. ويأتي هذا التوجه في ظل تغيرات ديموغرافية كبرى، وارتفاع أعداد كبار السن، ما يفرض ضغطًا غير مسبوق على النظام الصحي الألماني.
اقرأ أيضا:الدراسة في المملكة العربية السعودية: منح كاملة التمويل مقدمة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية
مشاريع التعاون المغربي الألماني في الرعاية الصحية
من بين المبادرات البارزة التي أطلقت مؤخرًا، يبرز المشروع التجريبي لجمعية كاريتاس المحلية في منطقة راين-زيغ، التابعة للكنيسة الكاثوليكية والمتخصصة في رعاية المسنين. يهدف المشروع إلى استقبال وتدريب ممرضين مغاربة ضمن بيئة عمل ألمانية، عبر منحهم فرصة للاندماج المهني وتطوير مهاراتهم العملية.
المشروع وصل الآن إلى دورته الثالثة، حيث يشارك فيه 18 ممرضًا وممرضة من المغرب، موزعين بين مركزين للرعاية في مدينتي نيدر كاسل وهنف. ويخضع المتدربون لتدريب عملي مكثف داخل دور رعاية ومستشفيات، مع التركيز على التأهيل اللغوي والثقافي لضمان تكيفهم السلس مع بيئة العمل.
تراجع الإقبال المحلي على وظائف الرعاية
دينيس بونكه، الذي يشغل منصب مدير دار رعاية المسنين “هاوس إليزابيث”، أشار إلى أن الطلب على هذه الوظائف في ألمانيا قد شهد تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث لم تُسجل بعض السنوات أي طلبات محلية تقريبًا. هذا النقص جعل استقدام الكوادر الأجنبية أمرًا حيويًا للحفاظ على استمرارية الخدمات، خاصة في دور الرعاية التي تعاني من ضغط متزايد.
وأضاف بونكه أن عملية اختيار الممرضين المغاربة بدأت في أوائل 2023 بالتعاون مع مدارس لتعليم اللغة الألمانية في المغرب، حيث خضع المرشحون لمقابلات وانتقاء أولي، تلاها تدريب لغوي قبل الالتحاق بالمراكز الألمانية.
رواتب وفرص أفضل للممرضين المغاربة
أحد الممرضين الذين شاركوا في البرنامج لفت الانتباه إلى الفارق الكبير في الرواتب بين المغرب وألمانيا. ففي المغرب، يتراوح الراتب الشهري للممرض بين 500 و600 يورو، بينما يحصل الممرض في ألمانيا بعد التخرج على حوالي 3550 يورو شهريًا، أما خلال فترة التدريب فتتراوح الرواتب بين 1524 و1687 يورو شهريًا. هذا الفرق الكبير يشكل حافزًا قويًا للشباب المغاربة للانضمام إلى مثل هذه البرامج.
انعكاسات النقص على النظام الصحي الألماني
دراسة لمعهد لايبنيتز للبحوث الاقتصادية كشفت أن نقص الكوادر الصحية في ألمانيا أدى إلى زيادة مدة بقاء المرضى المسنين في المستشفيات بنسبة 40%، كما تسبب في عجز بعض دور الرعاية عن استقبال مزيد من النزلاء، لعدم توفر العدد الكافي من الممرضين ومقدمي الرعاية.
الهجرة والعمل بالخارج: حلم الشباب المغربي
هذه المبادرات تلقى إقبالًا كبيرًا من الشباب المغربي الباحث عن فرص أفضل خارج البلاد. وتوضح بيانات معهد جوته في الرباط أن تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج تمثل نحو 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعكس الدور الاقتصادي المهم للجالية المغربية. ويعود التعاون المغربي الألماني في مجال استقدام العمالة إلى أكثر من 55 عامًا، حيث بدأ في قطاعات الصناعة والزراعة، وتوسع اليوم ليشمل الضيافة والصحة.
الموقف الألماني الرسمي
الوكالة الفدرالية للعمل في ألمانيا تؤكد وجود نقص هيكلي في العمالة الصحية بسبب الشيخوخة السكانية. وتشير فانيسا أهوجا، عضو مجلس الإدارة المكلفة بالشؤون الدولية، إلى أن نحو ربع العاملين في دور الرعاية هم من غير الألمان، وأن استقدام الكوادر الأجنبية أنقذ القطاع من الانهيار. ووفقًا للبيانات، استقبلت ألمانيا عام 2024 حوالي 13 ألف متخصص صحي أجنبي عبر قانون الهجرة المهنية، في وقت يشهد تراجعًا في أعداد المرشحين من دول الاتحاد الأوروبي وسويسرا.
التحديات التي تواجه الممرضين الجدد
ورغم المزايا المادية والمهنية، يواجه الممرضون القادمون من المغرب تحديات في بداية مسيرتهم بألمانيا، أبرزها تعلم اللغة بمستوى عالٍ يكفي للتعامل مع المرضى وفهم التعليمات الطبية الدقيقة، بالإضافة إلى التأقلم مع الثقافة الألمانية في بيئة العمل. غير أن برامج التدريب المرافقة لهذه المبادرات غالبًا ما توفر دعمًا لغويًا ونفسيًا للمشاركين، ما يسهل اندماجهم تدريجيًا.
عن: fr.hespress.com
اقرأ أيضا:منحة تشيفنينغ في المغرب مدعومة من المملكة المتحدة
الأسئلة الشائعة حول استقدام الممرضين المغاربة إلى ألمانيا
1. ما هي شروط المشاركة في هذه البرامج؟
عادة تتطلب هذه البرامج شهادة في التمريض أو الرعاية الصحية، وإجادة اللغة الألمانية بمستوى B1 أو أعلى، بالإضافة إلى اجتياز مقابلات واختبارات تقييم.
2. كم تبلغ مدة التدريب في ألمانيا؟
تستمر عادةً مدة فترة التدريب لمدة تتراوح بين سنتين إلى ثلاث سنوات، وتتضمن التدريب العملي والدراسة النظرية، مع توفر فرصة للحصول على عقد عمل دائم بعد التخرج.
3. هل توفر هذه البرامج سكنًا للمشاركين؟
في العديد من الحالات، توفر الجمعيات أو المؤسسات الألمانية سكنًا مدعومًا أو مساعدات للبحث عن سكن في الفترة الأولى.
4. ما هي فرص التطور المهني بعد التخرج؟
بعد الحصول على الترخيص الألماني لمزاولة المهنة، يمكن للممرضين التقدم لوظائف في مستشفيات أو دور رعاية، أو متابعة دراسات تخصصية في مجالات مثل العناية المركزة أو إدارة الرعاية الصحية.
5. هل يمكن للممرضين اصطحاب عائلاتهم؟
بعد الحصول على عقد عمل دائم ودخل مستقر، يمكن للممرض التقدم بطلب لم شمل الأسرة وفق القوانين الألمانية.