تشهد اليونان تحولاً ديمغرافيًا واقتصاديًا يضع سوق العمل أمام تحديات معقدة خلال السنوات العشر المقبلة. فبحسب دراسة أوروبية حديثة، ستكون البلاد بحاجة إلى أكثر من مليوني عامل جديد حتى عام 2035، في وقت يتوقع فيه أن ينسحب عدد كبير من القوى العاملة الحالية نتيجة التقاعد، بالإضافة إلى ظهور وظائف جديدة تحتاج إلى مهارات دقيقة ومهنية.
هذا المشهد يثير قلقًا واسعًا بين الخبراء وصناع القرار، حيث يُخشى أن يؤدي نقص اليد العاملة الماهرة إلى إبطاء النمو الاقتصادي وإعاقة الخطط التنموية التي تسعى أثينا إلى تحقيقها بعد سنوات من الأزمات المالية والتقشف.
اقرأ أيضا:منحة دراسية ممولة من قبل جامعة هارفارد للدراسة في الولايات المتحدة
فجوة واسعة في سوق العمل
تشير الدراسة إلى أن النقص في الأيدي العاملة لن يكون عامًا فقط، بل سيتركز بشكل أكبر في القطاعات التي تحتاج إلى كفاءات تقنية ومهارات عالية. فمن أصل مليوني وظيفة متوقعة، يقدر أن نحو 646 ألف وظيفة ستتطلب مؤهلات دقيقة، مثل خبراء التكنولوجيا، والمهندسين، والمتخصصين في الصحة، إلى جانب مجالات جديدة مرتبطة بالاقتصاد الأخضر والرقمنة.
هذه الفجوة لا تعكس فقط تحول سوق العمل، بل أيضًا خللًا بنيويًا في قدرة النظام التعليمي والتدريبي على تزويد السوق بالمهارات المطلوبة، ما يجعل الأمر أكثر إلحاحًا.
دعوات إلى سياسات شاملة
الخبراء الذين تناولوا نتائج الدراسة شددوا على أن مواجهة التحدي تستدعي سياسات شاملة ومتعددة الأبعاد. فالحلول لا يمكن أن تقتصر على فتح باب الهجرة أو استقدام العمالة الأجنبية، بل يجب أن تشمل:
1.تشجيع مشاركة النساء في سوق العمل: رغم التطور الملحوظ في السنوات الأخيرة، ما زال معدل مشاركة النساء في اليونان أقل من المتوسط الأوروبي.
2.دعم عمل كبار السن: عبر سياسات مرنة تحفّزهم على البقاء فترة أطول في سوق العمل بدل التقاعد المبكر.
3.إعادة جذب الكفاءات اليونانية من الخارج: فقد أدت الأزمة الاقتصادية السابقة إلى هجرة عشرات الآلاف من الشباب المتعلمين والمهنيين إلى دول أوروبا الغربية. عودتهم قد تسد جزءًا مهمًا من النقص.
4.الاستثمار في التعليم والتدريب المهني: لتأهيل جيل جديد قادر على تلبية احتياجات الاقتصاد الرقمي والقطاعات الناشئة.
رؤية وزارة العمل اليونانية
في هذا السياق، أوضح كونستانتينوس أجرابيداس، المدير العام لعلاقات العمل في وزارة العمل، أن وجود وظائف شاغرة بالتوازي مع استمرار معدلات بطالة مرتفعة يشير إلى سوء استغلال لرأس المال البشري المحلي.
وأضاف أن معالجة الفجوة لن تكون فقط خطوة اقتصادية، بل أيضًا اجتماعية، لأنها ستؤدي إلى زيادة الدخل الوطني، وتحفيز الاستهلاك المحلي، وتعزيز الإنتاجية والصادرات. سوف تُساهم أيضًا في تخفيف الضغوط المفروضة على المالية العامة، خصوصًا فيما يخص تمويل نظام التقاعد.
بين التحديات والفرص
يرى مراقبون أن نجاح اليونان في تجاوز هذه الأزمة سيكون عاملًا حاسمًا في رسم ملامح اقتصادها خلال العقد المقبل. إذا استطاعت الحكومة تبني سياسات فعّالة، فقد يصبح الفجوة الحالية فرصة بدلاً من تحدٍ لإعادة هيكلة الاقتصاد، من خلال دمج مزيد من الفئات الاجتماعية في سوق العمل وتعزيز الابتكار.
لكن في المقابل، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فقد تواجه البلاد تباطؤًا اقتصاديًا جديدًا يعرقل قدرتها على المنافسة في السوق الأوروبية ويضع أعباء إضافية على نظامها الاجتماعي والديمغرافي، خاصة في ظل شيخوخة السكان.
أهمية جذب المهاجرين
التغيرات الديمغرافية.. العامل الخفي
المصدر: هسبريس
الطريق إلى الأمام
إن معالجة فجوة العمالة في اليونان لا تتطلب فقط سياسات طارئة، بل رؤية متكاملة تشمل:
- إصلاحات تعليمية وتدريبية.
- تحفيز ريادة الأعمال والابتكار.
- تعزيز سياسات المساواة بين الجنسين في العمل.
- استراتيجيات ذكية للهجرة والإدماج.
اقرأ أيضا: فرصة عمل في أوروبا كمربية أطفال (نونو): كل ما تحتاج معرفته للتقديم عبر وكالة IM Hauspersonal
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. لماذا ستحتاج اليونان إلى مليوني عامل حتى عام 2035؟
لأن أعدادًا كبيرة من العمال الحاليين سيتقاعدون، بينما تظهر وظائف جديدة تتطلب مهارات متخصصة، مما يخلق فجوة يصعب سدها بالموارد المحلية فقط.
2. ما القطاعات الأكثر تضررًا من نقص العمالة؟
القطاعات التكنولوجية، الهندسية، الصحة، التعليم، إضافة إلى مجالات الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي.
3. هل يمكن للهجرة أن تكون الحل الوحيد؟
لا، بل يجب أن تكون جزءًا من حزمة شاملة تشمل تشجيع مشاركة النساء وكبار السن، وإعادة جذب الكفاءات المهاجرة، وتطوير التعليم والتدريب المهني.
4. كيف سيؤثر سد فجوة العمالة على الاقتصاد اليوناني؟
سيؤدي إلى زيادة الإنتاجية والصادرات، تحسين الدخل الوطني، دعم نظام التقاعد، وتخفيف الضغوط على المالية العامة.
5. ما المخاطر إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة؟
قد تواجه اليونان تباطؤًا اقتصاديًا جديدًا، مع تراجع القدرة التنافسية وتفاقم الأعباء الديمغرافية والاجتماعية.