في خطوة تعكس رؤية جديدة لمستقبل سوق العمل، دعت رئيسة وزراء فنلندا السابقة سانا مارين إلى إعادة النظر في النظام التقليدي للعمل المعمول به في بلادها، مقترحةً اعتماد أسبوع عمل من أربعة أيام فقط، بمعدل ست ساعات يومياً.مارين، التي لطالما عُرفت بأفكارها التقدمية واهتمامها برفاهية المواطنين، ترى أن الوقت قد حان لإحداث تحول جذري في طريقة تنظيم العمل بما يتماشى مع متطلبات العصر الحديث.
اقرأ أيضا: سافر إلى الإمارات مجانًا للمشاركة في منتدى شباب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) 2026
رؤية جديدة للتوازن بين الحياة والعمل
تعتقد مارين أن تقليص ساعات العمل لا يعني بالضرورة انخفاض الإنتاجية، بل على العكس، قد يؤدي إلى تحسين جودة الأداء المهني ورفع مستويات الرضا الوظيفي بين الموظفين.وقالت في تصريحاتها الأخيرة إن “إعطاء الأفراد وقتًا أطول لقضائه مع عائلاتهم لا يقل أهمية عن تحقيق الأهداف الاقتصادية”، مؤكدة أن السعادة الشخصية والصحة النفسية يجب أن تكونا جزءاً أساسياً من سياسات العمل الحديثة.
وأضافت مارين أن نظام العمل التقليدي، القائم على خمسة أيام أسبوعياً وثماني ساعات يومياً، أصبح يحتاج إلى مراجعة شاملة في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي غيرت طبيعة الوظائف وطرق الإنتاج. وأوضحت أن “المرونة في جداول العمل ليست ترفاً، بل ضرورة لتحقيق التوازن بين متطلبات الاقتصاد الحديث واحتياجات الإنسان”.
تجارب دولية تعزز الفكرة
ترى مارين أن تجربتها السياسية وتجارب دول أخرى تثبت أن تقليص ساعات العمل يمكن أن يحقق نتائج إيجابية على المستويين الفردي والمؤسسي.ففي بعض الدول الأوروبية، مثل آيسلندا والسويد، أظهرت التجارب السابقة أن تخفيض ساعات العمل اليومية أو الأسبوعية لم يؤد إلى انخفاض الإنتاجية، بل ساهم في زيادة التركيز وتحسين جودة العمل.ويعزو الخبراء ذلك إلى أن العاملين الذين يشعرون بالتقدير ويتمتعون بوقت كافٍ لحياتهم الشخصية يكونون أكثر التزاماً وإبداعاً في أداء مهامهم.
القيادة النسائية والاهتمام بالجانب الإنساني
مارين، التي قادت ائتلافاً وسطياً يسارياً يضم أربع أحزاب، جميعها بقيادة نساء، كانت من أوائل السياسيين الذين طرحوا فكرة تقصير أسبوع العمل منذ توليها منصب وزيرة النقل في فنلندا قبل أن تصبح رئيسة للوزراء.وتؤكد أن القيادة النسائية أثبتت نجاحها في التركيز على الجوانب الاجتماعية والإنسانية في السياسات العامة، خصوصاً تلك المتعلقة برفاهية الأسرة والمرأة العاملة.
وترى أن “العمل ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هو جزء من حياة الإنسان يجب أن يُنظّم بطريقة تحترم احتياجاته النفسية والعائلية”.وتضيف أن الأنظمة الاقتصادية الناجحة هي التي تضع الإنسان في مركز الاهتمام، وليس الأرقام وحدها.
تحديات التغيير في فنلندا وأوروبا
رغم الشعبية التي تحظى بها فكرة مارين، إلا أن تطبيقها يواجه تحديات اقتصادية وتنظيمية، خاصة في قطاعات تعتمد على الإنتاج الصناعي أو الخدمات المستمرة. ويحذر بعض الخبراء من أن تقليص ساعات العمل دون دراسة دقيقة قد يؤدي إلى زيادة التكاليف التشغيلية على الشركات الصغيرة والمتوسطة.لكن مؤيدي المقترح يرون أن التحول نحو العمل الذكي واستخدام التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يعوض الفارق، ويجعل النظام أكثر كفاءة واستدامة.
تأتي هذه الدعوة في وقت تشهد فيه أوروبا تحولات كبيرة، ليس فقط على مستوى العمل، بل أيضاً في قضايا سياسية وأمنية متعددة. ففي حين تتابع فنلندا نقاشها الداخلي حول مستقبل سوق العمل، تشهد الساحة الأوروبية توترات متفرقة، من بينها انتظار بعثة مقدونيا في كازاخستان للحسم المرتقب في كارديف، وقرار ألمانيا سحب الجنسية من شخص يحمل الجنسية الفلسطينية بعد نشره صوراً تدعم حركة حماس. هذه الأحداث، وإن بدت منفصلة، تعكس حجم التحولات العميقة التي يعيشها القارة الأوروبية على مختلف الأصعدة، من الاقتصاد إلى السياسة.
المصدر: telegrafi.com.
نحو نموذج عمل أكثر إنسانية
تجدد تصريحات مارين النقاش في الأوساط السياسية والاجتماعية في فنلندا حول ضرورة إعادة تصميم مستقبل سوق العمل بما يتماشى مع متطلبات الحياة الحديثة. ويرى محللون أن مقترحها قد يشكل بداية لحركة أوسع في أوروبا تسعى إلى تحقيق التوازن بين الكفاءة الاقتصادية والرفاه الاجتماعي.
ففكرة أسبوع العمل القصير ليست مجرد تجربة اجتماعية، بل رؤية شاملة نحو مستقبل أكثر استدامة، حيث يصبح الوقت والراحة والابتكار عناصر متكاملة في بناء مجتمع أكثر إنتاجاً وسعادة.
اقرأ أيضا: الدراسة في هولندا من خلال منحة التميز التي تهدف إلى الريادة والابتكار والممولة بالكامل
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. ما هو المقترح الذي قدمته سانا مارين؟
دعت مارين إلى تطبيق نظام عمل من أربعة أيام أسبوعياً بمعدل ست ساعات يومياً، بدلاً من النظام التقليدي القائم على خمسة أيام وثماني ساعات.
2. ما الهدف من هذا النظام الجديد؟
يهدف المقترح إلى تحقيق توازن أفضل بين الحياة المهنية والشخصية، وتعزيز الإنتاجية عبر منح الموظفين وقتاً أكبر للراحة والاهتمام بأنفسهم وعائلاتهم.
3. هل يمكن أن يؤدي تقليص ساعات العمل إلى انخفاض الإنتاجية؟
وفقاً لتجارب سابقة في دول مثل السويد وآيسلندا، لم تنخفض الإنتاجية، بل ارتفعت مستويات الرضا والكفاءة بين العاملين.
4. هل هناك معارضة للمقترح في فنلندا؟
نعم، بعض الاقتصاديين وأصحاب الأعمال يخشون من ارتفاع التكاليف التشغيلية، لكن مؤيدي الفكرة يرون أن التكنولوجيا والمرونة في الإدارة يمكن أن تعوض ذلك.
5. هل يمكن تعميم هذه الفكرة في أوروبا؟
قد يختلف تطبيقها من بلد لآخر، لكن هناك اتجاه متزايد نحو تجريب أنظمة عمل أكثر مرونة، خصوصاً بعد جائحة كورونا التي أعادت التفكير في أساليب العمل التقليدية.