470 مهاجرًا تونسيًا في رحلة ترحيل قسري من إيطاليا إلى تونس في بداية عام 2025. هذا الرقم المثير للدهشة يدل على زيادة ملحوظة في عمليات الترحيل القسري، في ظل تصاعد ملحوظ للسياسات الأوروبية تجاه المهاجرين، وبالأخص أولئك القادمين من شمال إفريقيا. المشكلة تجاوزت أرقام الحوادث أو الاتفاقيات، وأصبحت تتعلق بمآسي إنسانية حقيقية.
اقرأ أيضا : فرصة عمل متاحة في الإمارات العربية المتحدة في قطاع خدمة العملاء براتب شهري قدره 21000 درهم
تصاعدت سياسة الترحيل القسري في إيطاليا بشكل ملحوظ
فقد اعتمدت إيطاليا منذ سنوات نهجًا صارمًا تجاه الهجرة غير النظامية، إلا أن ما نشهده حاليًا هو تسريع في تنفيذ عمليات الترحيل. يأتي هذا التغيير في إطار اتفاقيات قديمة، يعود بعضها إلى عامي 2008 و2011، والتي لا تزال تُستخدم كذريعة لتبرير قرارات الإبعاد الجماعي.
تفاصيل حادثة انتحار شاب تونسي في مركز احتجاز
في 19 مارس 2025، قام شاب تونسي يبلغ من العمر 25 عامًا بإنهاء حياته داخل مركز احتجاز في إيطاليا بعد أن تم اتخاذ قرار بترحيله. وقد تم نقل الشاب في البداية إلى مركز مخصص للترحيل، ثم إلى السجن، في إطار ما يُعرف بـ”الإجراءات التمهيدية”. لكن النهاية كانت مؤلمة.
أرقام رسمية للعمليات المتعلقة بالترحيل خلال الربع الأول من عام 2025
وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الإيطالية، التي كشف عنها النائب مجدي الكرباعي، تم ترحيل 470 مهاجرًا تونسيًا في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025، وذلك من خلال أربع رحلات جوية في مارس، حيث كانت كل رحلة تقل بين 30 إلى 40 شخصًا.
وجهة الرحلات الجوية: مطار طبرقة
توجهت رحلات الترحيل إلى مطار طبرقة في تونس، مما أثار العديد من التساؤلات حول سبب اختيار هذا المطار بشكل خاص. هل لأنه بعيد عن العاصمة؟ أم أن الهدف هو تقليل التغطية الإعلامية؟ تبقى هذه الأسئلة دون إجابات رسمية حتى الآن.
سياسات أوروبية صارمة تجاه المهاجرين
قام الاتحاد الأوروبي، وبالأخص إيطاليا، بتشديد سياساتهما المتعلقة بالمهاجرين غير النظاميين، مما أدى إلى زيادة عدد مراكز الاحتجاز وتسريع عمليات الترحيل، دون الأخذ بعين الاعتبار غالبًا الظروف الإنسانية والاجتماعية لهؤلاء المهاجرين.
الاتفاقيات الثنائية بين تونس وإيطاليا: الخلفية والآثار
أبرمت تونس اتفاقيات مع إيطاليا في مجالات الهجرة خلال عامي 2008 و2011، ولكنها تُستخدم اليوم كغطاء قانوني لعمليات الترحيل التي يعتبرها الكثيرون تعسفية. وقد أشار رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى أن هذه الاتفاقيات جاءت نتيجة لضغوط من الجانب الأوروبي.
رؤية النائب مجدي الكرباعي بشأن الترحيلات
وصف النائب السابق مجدي الكرباعي هذه الاتفاقيات بأنها “تفتقر للإنسانية”، مشيرًا إلى أن عمليات الترحيل تتم بشكل سريع للغاية، مما لا يتيح للمهاجرين الفرصة الكافية للدفاع عن أنفسهم أو التماس الحماية.
بالمقارنة مع إحصاءات السنوات السابقة (2020، 2021، 2023)
تم ترحيل 1,922 تونسياً في عام 2020، بينما انخفض العدد في عام 2021 إلى نحو 1,872. وفي عام 2023، تم تنفيذ 70 رحلة طيران إلى تونس من مجموع 106 رحلات للترحيل، وهذا يعني أن 80% من المرحلين كانوا تونسيين. وبلغت حالات الترحيل خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 1,364 حالة.
محاولات الاندماج والمهاجرون في ظروف هشة
تشير التقارير إلى أن عمليات الترحيل لم تقتصر على المهاجرين غير النظاميين فقط، بل شملت أيضًا أشخاصًا تمكنوا من الاندماج جزئيًا في المجتمع الإيطالي، بالإضافة إلى آخرين يعانون من ظروف صحية أو نفسية صعبة.
مراكز الاحتجاز في إيطاليا: التحديات الراهنة والتقارير الحقوقية
قامت منظمة “EuroMed Rights” ومنظمة “Statewatch” وغيرها من المنظمات الحقوقية بتوثيق الظروف القاسية السائدة في مراكز الاحتجاز الإيطالية. تُعرف هذه المراكز بـ CPR، وتشهد اكتظاظًا شديدًا، وترديًا في مستوى النظافة، بالإضافة إلى نقص في الرعاية المقدمة والأنشطة الترفيهية المتاحة.
ظروف المهاجرين في مراكز الاحتجاز وتأثيراتها على الصحة النفسية والجسدية
تؤثر ظروف المهاجرين داخل مراكز الاحتجاز سلبًا على صحتهم النفسية والجسدية. تؤدي هذه الظروف إلى ظهور مشكلات نفسية خطيرة، بالإضافة إلى اضطرابات جسدية ناجمة عن تجاهل الرعاية الطبية وسوء التغذية. وقد تم توثيق حالات وفاة متعددة في هذه المنشآت، مما يعكس ضعف النظام القائم على رعاية المهاجرين.
نفي رسمي من تونس بشأن توقيع اتفاقيات جديدة
في 6 أبريل 2025، نفى الرئيس قيس سعيّد وجود أي اتفاقيات جديدة تتعلق بعمليات الترحيل القسري، مؤكدًا أن الاتفاقيتين السابقتين وُقعتا “للأسف” تحت ضغط خارجي. ومع ذلك، لم يوضح ما إذا كان هناك خطوات فعلية لوقف هذه الممارسات.
مصدر الخبر:
موقع Tuniscope
خاتمة وتحليل شامل
تعتبر القضية معقدة، وتفاصيلها تحمل طابع الألم. إن ترحيل المهاجرين التونسيين من إيطاليا يتجاوز كونه مجرد إجراء لوجستي، فهو يمثل مسألة تتعلق بحقوق الإنسان والكرامة. ينبغي عدم تناولها من منظور قانوني فحسب، بل يجب أن تأخذ في الاعتبار الظروف الإنسانية والاجتماعية والنفسية التي يواجهها هؤلاء الأفراد.
اقرأ أيضا : تستقبل الهيئة المعنية بتقييم أعمار القاصرين غير المصحوبين بذويهم 130 شاباً كل أسبوع
الاستفسارات المتكررة حول الترحيل القسري
1. ما السبب وراء قيام إيطاليا بترحيل المهاجرين من تونس؟
تعمل إيطاليا على تقليص أعداد المهاجرين غير الشرعيين من خلال الاتفاقيات الثنائية واتباع سياسات هجرة صارمة.
2. هل يتضمن الترحيل القسري كافة المهاجرين؟
لا، فهو يركز بشكل رئيسي على غير الشرعيين، وأحيانًا يمتد ليشمل بعض الأفراد ذوي الأوضاع القانونية المعقدة أو أولئك الذين اندمجوا جزئيًا.
3. ما هو مصير المرحّلين عند وصولهم إلى تونس؟
عادةً ما يواجهون تحديات اقتصادية واجتماعية، وفي بعض الأحيان يتم استجوابهم من قبل السلطات التونسية.
4. هل هناك موقف رسمي من تونس تجاه هذه الترحيلات؟
نفى الرئيس التونسي توقيع أي اتفاقيات جديدة، لكنه لم يتخذ إجراءات ملموسة لوقف عمليات الترحيل.
5. كيف يمكن تحسين ظروف المهاجرين؟
من خلال إعادة تقييم الاتفاقيات، وضمان محاكمات عادلة، وتوفير الحماية للمهاجرين في ظروف هشة.