في ظل التنافس المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين على ريادة الابتكار والتكنولوجيا، أعلنت بكين هذا الأسبوع عن إطلاق برنامج تأشيرات جديد تحت اسم تأشيرة “K”، يستهدف جذب الكفاءات الأجنبية عالية التأهيل، خصوصاً في القطاعات التقنية والبحثية. ويأتي هذا الإعلان في وقت حساس يشهد تحولات جوهرية في سياسات الهجرة والعمل على المستوى الدولي، بعدما قررت واشنطن رفع الرسوم المفروضة على تأشيرة العمل الشهيرة H-1B إلى مستويات غير مسبوقة.
منافسة مباشرة مع النموذج الأميركي
تُعد تأشيرة H-1B الأميركية أحد أهم الأبواب التي تتيح للكفاءات الأجنبية، خصوصاً الهنود، دخول سوق العمل الأميركي. غير أن النظام القائم عليها يخضع لقيود صارمة، أبرزها الاعتماد على نظام القرعة، والعدد المحدود من التأشيرات الممنوحة سنوياً (85 ألف فقط). ومع فرض رسوم جديدة قد تصل إلى 100 ألف دولار سنوياً على الشركات، تقلصت جاذبية هذه التأشيرة بالنسبة إلى كل من الموظفين وأرباب العمل على حد سواء.
في المقابل، تقدم الصين عبر تأشيرتها الجديدة ميزة محورية تتمثل في إلغاء شرط الكفيل الوظيفي. هذا البند وحده يمثل تحولاً جوهرياً، إذ يمنح الكفاءات الدولية حرية أكبر في اختيار فرص العمل داخل الصين، دون الارتباط المباشر بشركة معينة منذ البداية، وهو ما يختلف جذرياً عن النموذج الأميركي.
رؤية الصين: تعزيز الجاذبية رغم التحديات
يرى محللون أن توقيت الإعلان يعكس استراتيجية مدروسة من بكين لتقديم نفسها كبديل جذاب أمام العقول المهاجرة التي باتت تبحث عن وجهات جديدة. يقول مايكل فيلر، كبير الاستراتيجيين في شركة “جيوبوليتيكال ستراتيجي”، إن الولايات المتحدة “أضرت بموقفها عندما شددت شروط H-1B، وهو ما جعل ظهور بديل مثل تأشيرة K خطوة طبيعية وذكية من الجانب الصيني”.
مع ذلك، فإن الطريق أمام بكين ليس ممهداً بالكامل. فحتى الآن، لا تزال المعايير المعلنة غامضة فيما يتعلق بعمر المتقدمين، خلفياتهم التعليمية، وخبراتهم العملية. كما أن الحكومة لم تفصح بعد عن التفاصيل المرتبطة بالحوافز المالية، أو تسهيلات الإقامة، أو إمكانية التحول لاحقاً إلى إقامة دائمة.
عقبة اللغة والثقافة المؤسسية
موقع الهند في المعادلة
يرى محللون أن توقيت الإعلان يعكس استراتيجية مدروسة من بكين لتقديم نفسها كبديل جذاب أمام العقول المهاجرة التي باتت تبحث عن وجهات جديدة. يقول مايكل فيلر، كبير الاستراتيجيين في شركة “جيوبوليتيكال ستراتيجي”، إن الولايات المتحدة “أضرت بموقفها عندما شددت شروط H-1B، وهو ما جعل ظهور بديل مثل تأشيرة K خطوة طبيعية وذكية من الجانب الصيني”.
مع ذلك، فإن الطريق أمام بكين ليس ممهداً بالكامل. فحتى الآن، لا تزال المعايير المعلنة غامضة فيما يتعلق بعمر المتقدمين، خلفياتهم التعليمية، وخبراتهم العملية. كما أن الحكومة لم تفصح بعد عن التفاصيل المرتبطة بالحوافز المالية، أو تسهيلات الإقامة، أو إمكانية التحول لاحقاً إلى إقامة دائمة.
استراتيجية صينية أعمق
تجدر الإشارة إلى أن بكين لا تعاني نقصاً صارخاً في الكفاءات التقنية المحلية، بل تزخر جامعاتها وأسواقها بآلاف الخريجين سنوياً. غير أن هذه السياسة الجديدة تأتي كامتداد لمحاولات سابقة بذلتها الدولة لاستعادة علمائها ومهندسيها العاملين في الخارج، عبر حزم حوافز مالية ومهنية مغرية.
وفي سياق المقارنة الدولية، نجد أن عدد الأجانب المقيمين في الصين لا يتجاوز مليون شخص فقط، في حين تحتضن الولايات المتحدة أكثر من 51 مليون مهاجر. هذا الفارق يعكس أن الصين لا تسعى إلى فتح أبوابها للهجرة على نطاق واسع، بقدر ما تحاول استقطاب شريحة نوعية من الكفاءات، بهدف تعزيز موقعها في سباق المواهب العالمي ومنافسة النموذج الأميركي.
المصدر: موقع العربية
مستقبل تأشيرة “K”
لا يزال الغموض يكتنف الكثير من تفاصيل البرنامج الجديد، ما يجعل الأشهر القادمة حاسمة في تحديد مدى نجاحه. فإذا تمكنت بكين من صياغة معايير واضحة، وتقديم تسهيلات حقيقية سواء على صعيد الإقامة أو الاندماج المهني، فإنها قد تتحول بالفعل إلى مركز عالمي بديل للكفاءات التقنية. أما إذا بقيت العقبات المتعلقة باللغة والبيروقراطية قائمة، فقد يظل تأثير هذا البرنامج محدوداً.
اقرأ أيضا: الفرصة التطوعية في أوروبا: تقدم إيطاليا فرصة للمشاركة في تجربة إنسانية ممولة بالكامل
الأسئلة الشائعة (FAQ) حول تأشيرة “K” الصينية
1. ما هي تأشيرة “K”؟
تأشيرة جديدة أطلقتها الصين عام 2025، تستهدف استقطاب الكفاءات الأجنبية، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا والبحث العلمي.
2. ما الفرق بينها وبين تأشيرة H-1B الأميركية؟
- لا تشترط وجود كفيل وظيفي.
- غير خاضعة لنظام القرعة حتى الآن.
- يُتوقع أن تكون أكثر مرونة في شروط الانتقال بين الوظائف.
3. هل تم الإعلان عن شروط العمر والخبرة بشكل واضح؟
حتى الآن، لا تزال المعايير غامضة، ولم تحدد بكين بدقة الفئات العمرية أو مستويات الخبرة المطلوبة.
4. هل يمكن أن تؤدي تأشيرة “K” إلى إقامة دائمة؟
لم يُعلن عن ذلك رسمياً بعد. لكن محللين يرجحون إمكانية ربطها لاحقاً بمسارات تمنح الإقامة الطويلة أو الدائمة إذا أثبتت نجاحها.
5. ما أبرز التحديات التي قد تواجه المتقدمين؟
- عائق اللغة (الماندرين).
- الغموض في الشروط الحالية.
- الوضع السياسي بين الصين وبعض الدول (مثل الهند).
6. هل تعاني الصين فعلاً نقصاً في الكفاءات التقنية؟
لا، لكنها تسعى إلى تعزيز مكانتها العالمية من خلال جذب العقول المبدعة من الخارج، وليس فقط الاعتماد على مواردها المحلية.
بهذه الخطوة، يبدو أن الصين تضع نفسها على خريطة التنافس الدولي لاستقطاب العقول، وتفتح باباً جديداً للنقاش حول مستقبل الهجرة المهنية في القرن الحادي والعشرين.