في خطوة تعكس تحوّلًا واضحًا في السياسة الألمانية تجاه الهجرة والاندماج، أعلن البرلمان الألماني، يوم الأربعاء، عن إلغاء قانون التجنيس السريع الذي كانت الحكومة السابقة قد أقرّته بهدف تسهيل الحصول على الجنسية للأجانب المقيمين في البلاد.
القانون الملغى كان يسمح للمقيمين الأجانب بالتقدم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية بعد ثلاث سنوات فقط من الإقامة في حال أثبتوا اندماجًا استثنائيًا في المجتمع الألماني، بدلًا من المدة التقليدية البالغة خمس سنوات. إلا أن الحكومة الحالية، بقيادة الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) برئاسة فريدريش ميرز، رأت في هذا القانون تساهلًا مفرطًا قد يشجع الهجرة غير المنظمة ويزيد الضغوط على البنية الاجتماعية والخدمات العامة.
خلفية القرار: من الانفتاح إلى التشديد
تصريحات رسمية وحجج سياسية
وزير الداخلية الألماني، ألكسندر دوبريندت، صرّح قبل جلسة التصويت بأن الحكومة ترسل “إشارة واضحة”، مؤكدًا أن جواز السفر الألماني يجب أن يكون نتيجة اندماج ناجح، لا حافزًا للهجرة غير القانونية.وأضاف الوزير أن الهدف من هذه الخطوة هو استعادة ثقة المواطنين في النظام القانوني وضمان أن من يحصل على الجنسية قد تبنّى القيم الألمانية وساهم فعليًا في المجتمع.
من جهة أخرى، يرى منتقدو القرار أن إلغاء القانون سيؤدي إلى إبطاء عملية الاندماج ويجعل ألمانيا أقل جذبًا للكفاءات الدولية. وأشار بعض النواب من الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى أن جذب المواهب الأجنبية يتطلب تسهيل شروط التجنيس لا تعقيدها، خصوصًا في ظل المنافسة المتزايدة بين الدول الأوروبية على استقطاب العمالة الماهرة.
نتائج التصويت في البرلمان
تأثير السياسة الجديدة على المجتمع والمهاجرين
يأتي القرار في وقت تواجه فيه ألمانيا تحديات داخلية متزايدة تتعلق بتوازن سياساتها الاقتصادية والاجتماعية. فبينما تحتاج البلاد إلى ملايين العمال لتعويض النقص الديمغرافي في سوق العمل، تتصاعد في المقابل المخاوف الشعبية من الهجرة غير المنظمة وتداعياتها على الهوية الوطنية.
ومع أن الحكومة الجديدة ألغت نظام التجنيس السريع، فإنها احتفظت ببعض الإصلاحات الإيجابية التي أقرتها الحكومة السابقة، من أبرزها:
- تقليص مدة الإقامة المطلوبة للحصول على الجنسية من ثماني سنوات إلى خمس سنوات.
- السماح بـ ازدواج الجنسية في معظم الحالات، بعد أن كانت القوانين السابقة تُلزم المتجنسين بالتخلي عن جنسيتهم الأصلية.
السياق السياسي: ضغط اليمين وتبدّل المزاج العام
من الواضح أن هذا القرار لم يكن فقط مسألة قانونية، بل خطوة سياسية محسوبة. فقد جاء بعد صعود حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) إلى المرتبة الثانية في الانتخابات العامة التي جرت في فبراير الماضي، ما زاد من الضغط على الحكومة لتبني سياسات أكثر حزمًا في ملف الهجرة.
ويشير محللون إلى أن الحزب الديمقراطي المسيحي يسعى من خلال هذه الخطوة إلى استعادة جزء من الناخبين المحافظين الذين انجذبوا لخطاب اليمين المتطرف، دون التخلي بالكامل عن السياسات الاقتصادية المنفتحة التي تحتاجها ألمانيا للحفاظ على قوتها الإنتاجية.
المصدر: Canadian Affairs
نظرة مستقبلية
يبقى السؤال الأبرز: هل سيؤدي هذا التحول إلى نتائج إيجابية على المدى الطويل؟
يرى بعض الخبراء أن التشدد في منح الجنسية قد يقلل من رغبة الكفاءات الأجنبية في القدوم إلى ألمانيا، خاصة في ظل المنافسة من دول مثل كندا وهولندا التي تقدم مسارات سريعة وواضحة للتجنس.في المقابل، يعتقد مؤيدو القرار أن هذه السياسة الجديدة ستعزز الاندماج الحقيقي والمستدام، إذ سيضطر المهاجرون إلى الانخراط أكثر في المجتمع قبل أن يصبحوا جزءًا رسميًا منه.
اقرأ أيضا: العمل التطوعي في أوروبا: تركيا تبدأ في تقديم فرص التطوع ضمن تجربة إنسانية مدعومة مالياً بالكامل لمدة
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. ما هو قانون التجنيس السريع الذي تم إلغاؤه؟
هو قانون كان يسمح للأجانب المقيمين في ألمانيا بالحصول على الجنسية بعد ثلاث سنوات فقط من الإقامة في حال أثبتوا اندماجًا استثنائيًا في المجتمع.
2. ما هي المدة الجديدة المطلوبة للحصول على الجنسية الألمانية؟
المدة أصبحت خمس سنوات بدلًا من ثلاث (في القانون السابق) وبدلًا من ثمانٍ في النظام الأقدم.
3. هل يمكن الاحتفاظ بالجنسية الأصلية بعد الحصول على الجنسية الألمانية؟
نعم، القانون الحالي يسمح بازدواج الجنسية في معظم الحالات، وهو من التعديلات التي تم الإبقاء عليها.
4. لماذا ألغت الحكومة القانون؟
لأنها تعتبر أن منح الجنسية بسرعة قد يشجع الهجرة غير القانونية ويضعف فكرة الاندماج الحقيقي في المجتمع.
5. ما تأثير القرار على سوق العمل الألماني؟
قد يحد مؤقتًا من تدفق العمالة الأجنبية، لكنه يعزز ثقة المواطنين في نظام الهجرة ويهدف لتحقيق توازن بين الانفتاح والضبط.