تشهد إسبانيا خلال عام 2025 واحدة من أصعب الأزمات المرتبطة باللجوء والهجرة، حيث ارتفعت أعداد طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين مغاربة بنسبة 6 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وفق معطيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. فقد بلغ عدد الملفات المقدمة من طرف المغاربة نحو 2020 طلبًا مقابل 1902 طلبًا في عام 2024. ورغم أن هذه الزيادة قد تبدو محدودة على مستوى الأرقام، فإنها تعكس توجهًا مستمرًا يعمق الضغوط على نظام اللجوء الإسباني، الذي يواجه بدوره أزمة متزايدة مع وجود نحو 300 ألف ملف قيد الانتظار.
المغرب ثالث مصدر إفريقي لطلبات اللجوء
بحسب تقارير صحفية إسبانية، يأتي المغرب في المرتبة الثالثة إفريقيًا من حيث عدد طالبي اللجوء إلى إسبانيا، بعد كل من مالي والسنغال. ويبرز هذا المعطى استمرار الضغوط الهجرية القادمة من شمال إفريقيا نحو الضفة الأوروبية، حيث تشكل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أحد أبرز دوافع الهجرة. لكن المثير للاهتمام أن نسبة قبول الطلبات المغربية تظل جد منخفضة، إذ لا تتجاوز 5 في المئة، مقارنة بنسبة قبول عامة تبلغ 10 في المئة لجميع الجنسيات. هذا يعني أن معظم الملفات لا تستجيب لمعايير الحماية الدولية التي حددتها اتفاقية جنيف.
التوزيع الجغرافي للطلبات
تركزت أغلب طلبات اللجوء في المدن الكبرى، خصوصًا مدريد التي استقبلت ما يقارب 22 ألف طلب، أي حوالي 29 في المئة من الإجمالي. أما برشلونة فقد تلقت أكثر من 6500 طلب بنسبة 9 في المئة. هذا التركز في المدن الحضرية الكبرى أدى إلى تضاعف الأعباء المرتبطة بالسكن، والخدمات الصحية، والتعليم، والإدماج الاجتماعي.
كما تشير الإحصاءات إلى أن 95 في المئة من الطلبات قُدمت داخل الأراضي الإسبانية، بينما لم تتجاوز الطلبات عند نقاط العبور 4 في المئة. هذه الظاهرة توضح أن العديد من المتقدمين يدخلون البلاد عبر تأشيرات سياحية أو مؤقتة، ثم يبادرون بتقديم طلب اللجوء بعد فترة قصيرة، ما يطيل مدة بقائهم داخل البلاد ريثما يتم البت في ملفاتهم.
تراجع نسب القبول في 2025
شهدت سنة 2025 انخفاضًا ملحوظًا في نسب الاعتراف باللجوء مقارنة بالعام السابق، حيث تراجعت نسبة القبول من 11 في المئة إلى 10 في المئة. أما الحماية الكاملة، بما فيها الحالات الإنسانية، فقد عرفت تراجعًا كبيرًا من 51 في المئة إلى 39 في المئة.وفي المقابل، فإن حوالي 61 في المئة من الطلبات الجديدة تم رفضها، ما يكشف عن الصعوبات المتزايدة في التعامل مع هذا التدفق الكبير من الملفات، ويؤكد أن السلطات الإسبانية باتت أكثر تشددًا في معاييرها.
اللجوء كآلية لتجاوز قوانين الهجرة
ترى تقارير صحفية إسبانية أن جزءًا مهمًا من الأزمة الحالية يعود إلى استخدام نظام اللجوء كأداة لتجاوز قوانين الهجرة. فبعض المتقدمين، سواء من إفريقيا أو من أمريكا اللاتينية، لا يندرجون فعليًا ضمن فئات الحماية التي يقرها القانون الدولي، بل يسعون إلى الاستفادة من طول مدة دراسة الطلبات من أجل البقاء في إسبانيا بشكل أطول.
هذا الواقع يضع الحكومة الإسبانية أمام معضلة حقيقية: فمن جهة، هناك واجب قانوني وأخلاقي باستقبال ودراسة طلبات اللجوء، ومن جهة أخرى، هناك استغلال واسع لهذا النظام لأغراض لا تمت بصلة لمفهوم الحماية الدولية.
المخاطر الاجتماعية والاقتصادية
الضغط المتزايد على النظام الإسباني للجوء لا يقتصر على المؤسسات الحكومية فقط، بل يمتد ليشكل تحديًا للمجتمع المحلي.إن الزيادة الكبيرة في أعداد طالبي اللجوء تشكل عبئًا على الخدمات الاجتماعية والسكن، وخاصة في المدن الكبرى التي تعاني بالفعل من أزمة سكن حادة.كما أن استمرار هذه الظروف قد يسهم في تفاقم التوترات الاجتماعية بين السكان المحليين والمهاجرين، نظرًا لصعوبة توزيع الموارد المتاحة. وفيما يتعلق بالدولة، فإن طول فترة دراسة الملفات يعني تكاليف إضافية على المساعدات المؤقتة والإجراءات الإدارية، مما يؤدي إلى عبء مالي متزايد.
قراءة في المشهد المستقبلي
من الواضح أن إسبانيا تدخل مرحلة حرجة في إدارة ملف اللجوء لعام 2025. فهي تواجه أزمة ثلاثية الأبعاد:
- تضخم أعداد الطلبات بشكل يفوق الطاقة الاستيعابية.
- انخفاض نسب القبول مع تزايد حالات الرفض.
- تفاقم الأعباء الاجتماعية والاقتصادية في المدن الكبرى.
ومع استمرار الضغوط من شمال إفريقيا ودول الساحل، يبدو أن التحدي سيظل قائمًا خلال السنوات المقبلة، ما لم يتم إيجاد حلول أوروبية جماعية لمعالجة جذور الظاهرة بدل الاكتفاء بالتعامل مع نتائجها داخل الحدود.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. ما هي أبرز أسباب تقديم المغاربة لطلبات اللجوء في إسبانيا؟
الأسباب الرئيسية تعود إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أكثر من وجود تهديدات سياسية أو أمنية، وهو ما يفسر انخفاض نسب القبول.
2. لماذا نسبة قبول الطلبات المغربية منخفضة جدًا؟
لأن أغلب الملفات لا تتوافق مع شروط الحماية الدولية المنصوص عليها في اتفاقية جنيف، والتي تركز على حماية الأشخاص المهددين بالاضطهاد أو الخطر المباشر.
3. كيف يتم تقديم طلب اللجوء في إسبانيا؟
يمكن التقديم إما في مراكز الشرطة داخل الأراضي الإسبانية أو عند نقاط العبور الحدودية، لكن الغالبية العظمى من الطلبات يتم تقديمها بعد دخول البلاد بتأشيرة مؤقتة.
4. ما هي المدن الإسبانية الأكثر استقبالًا لطلبات اللجوء؟
مدريد تتصدر القائمة بحوالي 22000 طلب، تليها برشلونة بنحو 6500 طلب، مما يسبب ضغطًا كبيرًا على الخدمات في هاتين المدينتين.
5. ما تأثير هذه الأزمة على المجتمع الإسباني؟
تؤدي الأزمة إلى زيادة الأعباء على الخدمات الأساسية والسكن، كما قد تثير توترات اجتماعية بسبب المنافسة على الموارد، خاصة في المدن الكبرى